كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

-[قوله تعالى (إن الله وملائكته يصلون على النبي) الآية وتفسيرها]-
(عن عروة بن الزبير) (1) عن عائشة رضي الله عنها أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يخرجن بالليل إذا تبرزن (2) إلى المناصع وهو صعيد أفيح (3) وكان عمر بن الخطاب يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم احجب نساءك (4) فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ليلةً من الليالي عشاءً وكانت امرأة طويلة فناداها عمر ألا (5) قد عرفناك يا سودة حرصًا على أن ينزل الحجاب، قالت عائشة رضي الله عنها فأنزل الحجاب (6) (باب إن الله وملائكته يصلون على النبي إلخ) (حدّثنا محمد بن فضيل) (7) حدثنا يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب (8) قال لما نزلت {إن الله وملائكته يصلون على النبي} (9) قالوا كيف نصلي عليك
__________
(1) (سنده) حدثنا حجاج قال حدثنا ليث قال حدثني عقيل عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير إلخ (غريبه) (2) أي إذا خرجن على البراز للبوال والغائط (إلى المناصع) بفتح الميم والنون وكسر الصاد آخره عين مواضع آخر المدينة من جهة البقيع (3) بالفاء والحاء بوزن أفلح أي خلاء واسع (4) أي امنعهن من الخروج من البيوت (5) ألا بفتح الهمزة وتخفيف اللام حرف استفتاح ينبه به على تحقيق ما بعده (6) زاد أبو عوانة في صحيحه من طريق الترمذي عن ابن شهاب فأنزل الله تعالى آية الحجاب {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي} الآية ففسر المراد من آية الحجاب صريحًا (تخريخه) (ق) وابن جرير وابو عوانة وغيرهم (باب) (7) (حدثنا محمد بن فضيل إلخ) (غريبه) (8) هو كعب بن عجرة الأنصاري المدني أبو محمد صحابي مشهور مات بعد الخمسين وله نيف وسبعون سنة وهذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عقب التشهد الأخير من كتاب الصلاة في الجزء الرابع صحيفة 23 رقم 731 وهو حديث صحيح رواه البخاري وغيره من طرقٍ متعددة، وفي الباب المشار إليه حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد وغيره ومذاهب الأئمة في ذلك، وتقدم الكلام في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وثواب المصلي في آخر كتاب الأذكار في الجزء الرابع عشر ونقتصر هنا على تفسير الآية فنقول (التفسير) {إن الله وملائكته يصلون على النبي} عبر بصيغة المضارع ليدل على الدوام والاستمرار. أي أنه تعالى وجميع ملائكته الذي لا يحصون بالعد ولا يحصرون بالحد يصلون عليه، وفي الاعتناء بشرفه وتعظيم شأنه في الملأ الأعلى {يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه} أي اعتنوا أيها الملأ الأدنى بشرفه وتعظيمه أيضًا فإنكم أولى بذلك وقولوا اللهم صل عليه، {وسلموا تسليمًا} أي وقولوا السلام عليك أيها النبي وأكد السلام بالمصدر وقد انتزع النووي من الآية الجمع بين الصلاة والسلام فلا يفرد أحدهما من الآخر. قال الحافظ ابن كثير والأولى أن يقال صلى الله وسلم تسليمًا اهـ (قال الحافظ) وقد سئلت عن اضافة الصلاة الى الله ون السلام وأمر المؤمنين بها وبالسلام (فقلت) يحتمل ان يكون السلام له معنيان لتحية والانقياد فأمر بهما المؤمنون لصحتهما منهم، والله وملائكته لا يحوز منهم الانقياد فلم يضف اليهم دفعًا للايهام والعلم عند الله اهـ. وقال الفسفى في تفسيره {يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه} أي قولوا اللهم صل على محمد وانقادوا لأمره وحكمه انقيادًا. قال وان صلى على غيره على سبيل التبع كقوله صلى الله عليه وسلم وآله فلا كلام فيه، وأما اذا أفرد غيره من أهل البيت بالصلاة فمكروه وهو من شعائر الروافض اهـ (وقال البخاري) قال أبو العالية صلاة الله تعالى ثناؤه عليه عند

الصفحة 247