كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[قوله تعالى {والشمس تجرى لمستقر لها} الآية وتفسيرها وكلام العلماء فى ذلك]-
قال فقرأها صالح بن شريح السكوتى فلما بلغ أربعين منها قبض: قال فكان المشيخة يقولون اذا قرئت عند الميت خفف عنه بها (1) قال صفوان وقرأها عيسى بن المعتمر عند ابن معبد (عن أبى ذر) (2) قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المسجد حين وجبت الشمس (3) فقال يا أبا ذر تدرى أين تذهب الشمس؟ (4) قلت الله ورسوله أعلم، قال فانها تذهب حيث تسجد (5) بين يدى ربها عز وجل فتستأذن فى الرجوع فيؤذن لها وكأنها قد قيل لها ارجعى من حيث جئت فترجع الى مطلعها فذلك مستقرها ثم قرأ {والشمس تجرى لمستقر لها} (6) (وعنه أيضًا) (7) قال سألت النبى صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى {والشمس تجرى لمستقر لها} (8) قال مستقرها تحت العرش (9)
__________
نزعه كأن روحه تساق لتخرج من بدنه (1) أى لما تقدم فى شرح الحديث السابق (فائدة) قال ابن العربى تتأكد قراءة يس: واذا حضرت موت أحد فاقرأ عنده يس فقد مرضت وغشى علىَّ وعددت من الموتى فرأيت قومًا كرشَّ المطر يريدون أذيتى، ورأيت شخصًا جميلًا دفعهم عنى حتى قهرهم، فقلت من أنت؟ قال سورة يس فأفقت فاذا بأبى عند رأسى وهو يبكى ويقرأ يس وقد ختمها (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام احمد وأورده الحافظ فى الاصابة بسنده ولفظه وعزاه للامام احمد وحسن اسناده (2) (سنده) حدّثنا محمد بن عبيد ثنا الأعمش عن ابراهيم التيمى عن أبيه عن أبى ذر الخ (غريبه) (3) جاء عند البخارى (عند غروب الشمس (4) استفهام أريد به الابتلاء (5) رواية البخارى (حتى تسجد تحت العرش) أى تنقاد للبارى تعالى انقياد الساجدين المكلفين أو شبهها بالساجد عند غروبها، قال الحافظ ابن كثير والعرش فوق العالم مما يلى رءوس الناس، فالشمس اذا كانت فى قبة الفلك وقت الظهيرة تكون أقرب الى العرش، فاذا استدارت فى فلكها الرابع الى مقابلة هذا المقام وهو وقت نصف الليل صارت أبعد ما يكون من العرش، فحينئذ تسجد وتستأذن فى الطلوع أى من المشرق على عادتها فيؤذن لها اهـ (قلت) وهذا معنى قوله فى حديث الباب وكأنها قد قيل لها ارجعى من حيث جئت الخ (6) (التفسير) {والشمس تجرى لمستقر لها} الواو للعطف على ما تقدم واللام فى لمستقر بمعنى الى والمراد بالمستقر (إما الزمانى) وهو منتهى سيرها وسكون حركتها يوم القيامة حين تكور وينتهى هذا العالم الى غايته (وإما المكانى) وهو ما تحت العرش مما يلى الأرض من ذلك الجانب وهى أينما كانت فهى تحت العرش كجميع المخلوقات لأنه سقفها وليس بكرة كما يزعمه كثير من أهل الهيئة بل هو قبة ذات قوائم تحمله الملائكة: والمراد غاية ارتفاعها فى كبد السماء فان حركتها إذ ذاك يوجد فيها ابطاء بحيث يظن ان لها هناك وقفة، والثانى أنسب بحديث الباب (قال الحافظ) وظاهر الحديث ان المراد بالاستقرار وقوعه فى كل يوم وليلة عند سجودها ومقابل الاستقرار المسير الدائم المعبر عنه بالجرى اهـ، وبقية الآية {ذلك تقدير العزيز} الغالب بقدرته على كل مقدور (العليم) بكل معلوم (تخريجه) (ق د مذ نس) (7) (سنده) حدّثنا وكيع حدثنا الأعمش عن ابراهيم التيمى عن أبيه عن أبى ذر الخ (8) (هذه هى القراءة المتواترة (فان الحافظ ابن كثير) وقرأ ابن مسعود وابن عباس (والشمس تجرى لا نستقر لها أى لا فرار لها ولا سكون بل هى سائرة ليلًا ونهارًا لا تفتر ولا تقف كما قال تبارك وتعالى {وسخر لكم الشمس والقمر دائبين} أى لا يفتران ولا يقفان إلى يوم القيامة اهـ (9) قال الطيبى وأما قوله مستقرها تحت العرش فلا ينكر ان يكون لها استقرار