كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[قوله تعالى {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعًا قبضته} الخ]-
يا رسول الله فمن أشرك فسكت النبى صلى الله عليه وسلم ثم قال إلا (1) من أشرك ثلاث مرات (باب وما قدروا الله حق قدره) الآية (عن ابن عباس) (2) قال مر يهودى بالنبى صلى الله عليه وآله وسلم وهو جالس قال كيف تقول يا أبا القاسم يوم يجعل الله السماء على ذه (3) وأشار بالسبابة: والأرض على ذه: والماء على ذه: والجبال على ذه: وسائر الخلق على ذه: كل ذلك يشير بأصابعه (4) قال فأنزل الله عز وجل {وما قدروا الله حق قدره (5)
__________
الغفور} بستر عظائم الذنوب {الرحيم} بكشف فظائع الكروب {وأنيبوا إلى ربكم} توبوا اليه {وأسلموا له} اخلصوا له العمل {من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون} ان لم تتوبوا قبل نزول العذاب (قال الحافظ ابن كثير) هذه الآية الكريمة دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم الى التوبة والإنابة واخبار بأن الله تبارك وتعالى يغفر الذنوب جميعًا لمن تاب منها ورجع عنها وان كانت مهما كانت وان كثرت وكانت مثل زبد البحر، ولا يصح حمل هذه على غير توبة لأن الشرك لا يغفر لمن لم يتب منه، ثم ذكر حديث ابن عباس رضى الله عنهما أن ناسًا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وأكثروا وزنوا واكثروا فأتوا محمدًا صلى الله عليه وسلم فقالوا ان الذى تقول وتدعو اليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة، فنزل {والذين لا يدعون مع الله إله آخر ولا يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق}: الى قوله: {إلا من تاب وآمن وعمل عملًا صالحًا فاؤلئك يبدل الله سيئاتهم حسنات} الخ: ونزل {قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} أخرجه البخارى ومسلم وأبو داود والنسائى، قال والمراد من الآية الأولى قوله إلا من تاب وآمن وعمل عملًا صالحًا الآية، ثم قال بعد ذكر أحاديث أخرى ما لفظه، فهذه الأحاديث كلها دالة على أن المراد انه يغفر جميع ذلك مع التوبة، ولا يقنطن عبد من رحمة الله وان عظمت ذنوبه وكثرت فان باب الرحمة والتوبة واسع اهـ (1) هكذا جاء فى الأصل بلفظ إلا اداة الاستثناء وكذلك فى مجمع الزوائد: وجاء فى تفسيرى الحافظ بن كثير والطبرى بلفظ (ألا) بفتح الهمزة التى هى للتنبيه {ومن أشرك} وعلى كلا اللفظين لابد من التوبة فان كان مشركًا وأسلم تائبًا أو مسلمًا عاصيًا ثم تاب غفر الله له بالتوبة والانابة اليه (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى فى الأوسط واحمد بنحوه وقال إلا من أشرك ثلاث مرات وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف وحديثه حسن اهـ (قلت) وحديثه هنا حسن لنه صرح بالتحديث، ورواه أيضًا الطبرى فى تفسيره (باب) (2) (سنده) حدّثنا حسين بن حسن الأشقر حدثنا أبو كدينة عن عطاء عن أبى الضحى عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) يعنى يوم القيامة (وذه) بكسر المعجمة وسكون الهاء وبكسرها باختلاس وباشباع اسم اشارة للمؤنث ومثلها (ته) (4) جاء فى هذا الحديث عند الترمذى من طريق محمد بن الصلت عن أبى كدينة بسند حديث الباب بعد قوله وسائر الخلق على ذه ما لفظه (وأشار محمد بن الصلت أبو جعفر بخنصره أولًا ثم تابع حتى بلغ الابهام) (5) (التفسير) {وما قدروا الله حق قدره} وما عظموه حتى عظمته حين أشركوا به غيره وهو العظيم الذى لا أعظم منه، القادر على كل شئ المالك لكل شئ وكل شئ تحت قهره وقدرته، ثم نبههم على عظمته وجلالة شانه بقوله {والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه} هذه الآية من آيات الصفات التى نؤمن بها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه كما هو مذهب السلف رضى الله عنهم، قال الإمام