كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[كلام العلماء فى قوله تعالى {والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة} الخ]-
(عن عبد الله) (1) قال جاء رجل الى النبى صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب (2) فقال يا أبا القاسم أبلغك أن الله عز وجل يحمل الخلائق على إصبع، والسماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والثرى على إصبع (3) فضحك النبى صلى الله عليه وآله وسلم حتى بدت نواجذه (4) فأنزل الله عز وجل {وما قدروا الله حق قدره} (5) الآية
__________
النسفي في تفسيره والمراد بهذا الكلام اذا أخذته كما هو بجملته ومجموعه تصوير عظمته والتوقيف على كنه جلاله لا غير، من غير ذهاب بالقبضة ولا باليمين الى جهة حقيقة أو جهة مجاز، والمراد بالأرض الأرضون السبع يشهد لذلك قوله (جميعًا) وقوله (السماوات) ولأن الموضع موضع تعظيم فهو مقتضى للمبالغة، والأرض مبتدأ وقبضته الخبر منصوب على الحال أى والأرض إذا كانت مجتمعة قبضته يوم القيامة، والقبضة المرة من القبض، والقبضة المقدار المقبوض بالكف ويقال أعطنى قبضة من كذا تريد معنى القبضة تسمية بالمصدر وكلا المعنيين محتمل، والمعنى والأرضون جميعًا قبضته أى ذوات قبضته بقبضهن قبضة واحدة يعنى أن الأرضين مع عظمهن وبسطهن لا يبلغن إلا قبضة واحدة من قبضاته كأنه يقبضها قبضة بكف واحد اهـ (والمطويات) من الطيى الذى هو ضد النشر كما قال {يوم تطوى السماء كطى السجل للكتب} وعادة طاوى السجل أن يطويه بيمينه {سبحانه وتعالى عما يشركون} أى ما أبعد من هذه قدرته وعظمته وما أعلاها عما يضاف اليه من الشركاء (تخريجه) (مذ) عن الدارمى عن محمد بن الصلت عن أبى كدينة بسند حديث الباب: وقال الترمذى حديث حسن غريب صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وأبو كدينة اسمه يحيى بن المهلب ورأيت محمد بن اسماعيل روى هذا الحديث عن الحسن بن شجاع عن محمد بن الصلت اهـ (قلت) وفى اسناده عند الامام احمد حسين بن حسن الأشقر قال ابن أبى حاتم ليس بقوى وقال البخارى فيه نظر، وقال الحافظ فى التقريب صدوق يهم ويغلو فى التشبع (قلت) يعضده رواية الترمذى فليس فى اسنادها حسين المذكور ويعضده أيضًا حديث ابن مسعود الآتى (1) (سنده) حدّثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن ابراهيم عن علقمة عن عبد الله (يعنى ابن مسعود) الخ (2) فى رواية الترمذى جاء يهودى إلى النبى صلى الله عليه وسلم وفى رواية للشيخين (جاء حبر من الأحبار الى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحبر بفتح الحاء المهملة عالم من علماء اليهود قال الحافظ لم أقف على اسمه (فقال يا محمد إنا نجد) أى فى التوراة (أن الله يجعل السماوات على اصبع الحديث (3) لفظ الإصبع الوارد فى هذا الحديث من المتشابه الذى نؤمن به كما جاء ونكل علمه إلى الله عز وجل من غير تكييف ولا تمثيل، وقد ثبت فى الصحيح (ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن) رواه مسلم والامام احمد وغيرهما (4) بالجيم والذال المعجمة أى أنيابه وهى الضواحك التى تبدو عند الضحك وقد جاء عند البخارى فضحك النبى صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقًا لقول الحبر، وجاء عند مسلم (تعجبًا بما قال الحبر وتصديقًا له) (5) جاء عند البخارى ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم- وما قدروا الله حق قدره- وقراءته صلى الله عليه وسلم هذه الآية تدل على صحة قول الحبر كضحكة (قال النووى) ظاهر الحديث أن النبى صلى الله عليه وسلم صدق الحبر فى قوله ان الله تعالى يقبض السماوات والأرضين والمخلوقات بالأصابع ثم قرأ الآية التى فيها الإشارة الى نحو ما يقول، قال القاضى وقال بعض المتكلمين ليس ضحكه صلى الله عليه وسلم وتعجبه وتلاوته للآية تصديقًا للحبر بل هو رد لقوله وانكار وتعجب من سوء اعتقاده، فان مذهب اليهود التجسيم ففهم منه ذلك: وقوله تصديقًا له إنما هو من