كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[قوله تعالى {فارتقب يوم تأت السماء بدخان مبين} الآيات وتفسيرها]-
عليه من أجر (1) وما أنا من المتكلفين} (2) إن قريشًا لما غلبوا النبى صلى الله عليه وسلم واستعصوا عليه قال اللهم أعنى عليهم بسبع (3) كسبع يوسف قال فاخذتهم سنة (4) أكلوا فيها العظام والميتة من الجهد (5) حتى جعل أحدهم يرى ما بينه وبين السماء كهيئة الدخان (6) من الجوع فقالوا {ربنا اكشف عنا العذاب انا مؤمنون} قال فقيل له (7) انا ان كشفنا عنهم عادوا: فدعا ربه فكشف عنهم (8) فعادوا فانتقم الله منهم يوم بدر (9) فذلك قوله تعالى {فارتقب (10) يوم تأت السماء بدخان مبين} ((الى قوله)) {يوم نبطش البطشة الكبرى انا منتقمون} قال ابن نمير فى حديثه فقال عبد الله
__________
الروايات (1) أي ما أسألكم عن تبليغ الرسالة من أجر أى جعل تعطونيه من عرض الدنيا (2) أى المتقولين القرآن من تلقاء نفسى، وكل من قال شيئًا من تلقاء نفسه فقد تكلفه: بل ما أمرت به أديته لا أزيد عليه ولا أنقص منه، وفى قول ابن مسعود هذا وفيما قبله تعريض بالرجل الذى يحدث فى المسجد يقول اذا كان يوم القيامة نزل دخان من السماء الخ فأنكر ابن مسعود ذلك وقال ان قريشًا لما غلبوا النبى صلى الله عليه وسلم واستعصوا عليه (أى أظهروا العصيان ولم يتركوا الشرك) قال اللهم أعنى عليهم الخ (3) أى بسبع سنين فيها حدب وقحط كسبع يوسف (4) بفتح السين المهملة وهى الجدب والقحط (5) بفتح الجيم أى من المشقة والجوع (6) جاء فى رواية للبخارى والترمذى وجعل يخرج من الأرض كهيئة الدخان وللبخارى رواية أخرى كما هنا: قال الحافظ ولا تدافع بينهما لأنه يحمل على أنه كان مبدؤه من الأرض ومنتهاه ما بين السماء والأرض بحسب تخليهم ذلك من غشاوة أبصارهم من فرط الجوع، وجاء فى رواية أخرى للامام أحمد عقب هذه الجملة (فأتاه أبو سفيان فقال أى محمد إن قومك قد هلكوا فادع الله عز وجل أن يكشف عنهم، قال فدعائم قال اللهم ان يعودوا فعد: ثم قرأ هذه الآية {فارتقب يوم تأت السماء بدخان مبين} (7) أى قيل للنبى صلى الله عليه وسلم بطريق الوحى (8) إنما دعا ربه عز وجل بالكشف عنهم بعد أن أعلمه أنهم يعودون ليكون عودهم حجة عليهم (9) هذا قول ابن مسعود واحتج بهذه الآيات وليس فيها تعيين لما قال بل هى محتملة (وإليك ما قاله علماء السلف فى تفسيرها) (10) (التفسير) (فارتقب) أى فأنتظر {يوم تأتى السماء بدخان} يأتى دخان من السماء قبل يوم القيامة يأخذ المؤمن كهيئة الزكام وبنفخ الكافر حتى ينفد، يدل على ذلك ما رواه الطبرانى وابن جرير من حديث أبى مالك الأشعرى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ربكم أنذركم ثلاثًا الدخان يأخذ المؤمن كالزكمة ويأخذ الكافر فينتفخ حتى يخرج من كل مسمع منه، والثانية الدابة والثالثة الدجال: أورده الحافظ ابن كثير وجوّد إسناده: وروى عن ابن عباس وابن عمر وزيد بن على والحسن انه دخان يجئ قبل الساعة، وقال ابن مسعود إنه دخان أصاب قريشًا حينما استعصوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما فى حديث الباب (مبين) أى بين واضح يراه كل أحد ولا يشك فى أنه دخان: قال الحافظ ابن كثير وعلى ما فسر به ابن مسعود انما هو خيال رأوه فى أعينهم من شدة الجوع والجهد وهكذا قوله تعالى {يغشى الناس} أى يتغشاهم ويعميهم ولو كان أمرًا خياليًا يخص أهل مكة المشركين لما قيل فيه يغشى الناس وقوله تعالى {هذا عذاب أليم} أى يقال لهم ذلك تقريعًا وتوبيخًا أو يقول بعضهم لبعض ذلك وقوله تعالى {ربنا اكشف عنا العذاب} أى يقول الكافرون إذا عاينوا عذاب الله وعقابه سائلين رفعه وكشفه عنهم {انا مؤمنون} أي سنؤمن