كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

-[قوله تعالى {قل أرأيتم ان كان من عند الله وكفرتم به} ومنقبة لعبد الله بن سلام]-
فو الله إني لأنا الحاشر (1) وأنا العاقب وأنا النبى المصطفى آمنتم أو كذبتم ثم انصرف وانا معه حتى اذا كدنا أن نخرج نادى رجل (2) من خلفنا كما أنت يا محمد قال فأقبل، فقال ذلك الرجل أى رجل تعلمون فيكم يا معشر اليهود؟ قالوا والله ما نعلم انه كان فينا رجل أعلم بكتاب الله منك ولا أفقه منك ولا من أبيك قبلك ولا من جدك قبل أبيك، قال فانى أشهد له بالله أنه نبى الله الذى تجدونه فى التوراة، قالوا كذبن ثم ردوا عليه قوله وقالوا فيه شرًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذبتم لن يقبل قولكم، أما آنفًا فتثنون عليه من الخير ما اثنيتم، ولما آمن أكذبتموه وقلتم فيه ما قلتم فلن يقبل قولكم، قال فخرجنا ونحن ثلاثة: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا وعبد الله بن سلام، وأنزل الله عز وجل فيه {قل أرأيتم (3) ان كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بنى اسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدى القوم الظالمين} (باب فلما رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا) الخ (عن سليمان بن يسار) (4) عن عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم أنها قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مستجمعًا (5) ضاحكًا قال معاوية (6) ضحكًا
__________
أحد (ثم ثلث) أى اعادها مرة ثالثة فلم يجبه احد (1) أى الذى يحشر الناس خلفه وعلى ملته دون ملة غيره (نه) وقوله وأنا والعاقب يعنى آخر الأنبياء، والعاقب والعقوب الذى يخلف من كان قبله فى الخير (2) هو عبد الله بن سلام رضى الله عنه كما سيأتى فى الحديث (3) (التفسير) (قل أرأيتم) معناه أخبرونى ما تقولون (ان كان) يعنى القرآن {من عند الله وكفرتم به} أيها المشركون {وشهد شاهد من بنى اسرائيل} هو عبد الله بن سلام عند الجمهور: ولهذا قيل إن هذه الآية مدنية لأن إسلام ابن سلام كان بالمدينة وسيأتى قصة إسلامه مطولة فى مناقبه من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (على مثله) الضمير للقرآن أى مثله فى المعنى وهو ما فى التوراة من المعانى المطابقة لمعانى القرآن فى التوحيد والوعد والوعيد وغير ذلك وقال الامام البغوى المثل صلة يعنى عليه أى على أنه من عند الله (فآمن) يعنى الشاهد (واستكبرتم) عن الايمان به، وجواب الشرط محذوف تقديره إن كان من عند الله وكفرتم به ألستم ظالمين؟ ويدل على هذا المحذوف {إن الله لا يهدى القوم الظالمين} والمعنى قل أخبرونى إن اجتمع قول القرآن من عند الله مع كفركم به واجتمع شهادة أعلم بنى اسرائيل على نزول مثله فايمانه به مع استكباركم عنه وعن الايمان به ألستم أضل الناس واظلمهم (تخريجه) أورده الهيثمى وعزاه للطبرانى فقط وغفل عن عزوه للامام أحمد ثم قال ورجاله رجال الصحيح، ورواه ايضًا ابن جرير بسنده ولفظه (باب) (4) (سنده) حدّثنا هارون بن معروف ومعاوية بن عمرو قالا ثنا ابن وهب قال انا عمرو أنا أبا النضر حدثه عن سليمان بن يسار الخ (غريبه) (5) أى مجدًا فى الضحك آتيًا منه بغايته كما قالت بعد هذا انما كان يبتسم وكان صلى الله عليه وسلم فى أكثر أحواله يبتسم، وكان أيضًا يضحك أعلى من التبسم وأقل من الاستغراق الذى تبدو فيه لهواته، وهذا كان شأنه وكان فى النادر عند إفراط تعجبه، وربما ضحك حتى تبدو نواجذه أى أنيابه ويجرى على عادة البشر فى ذلك فسن لأمته بضحكه الذى بدت فيه أنيابه أنه غير محرم على أمته، وبحديث عائشة أن التبسم هو الذى ينبغى لأمته فعله والاقتداء به للزومه له صلى الله عليه وسلم فى أكثر أحواله (6) هو ابن عمرو احد الروايين اللذين روى عنهما الامام أحمد هذا الحديث قال فى روايته ضحكًا بدل ضاحكًا

الصفحة 271