كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

-[قوله تعالى {فلما رآه عارضًا مستقبل أوديتهم} الخ وهلاك قوم هود]-
حتى أرى لهواته (1) إنما كان يتبسم، وقالت كان إذا رأى غيمًا أو ريحًا عرف ذلك فى وجهه، قالت يا رسول الله الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر وأراك اذا رأيته عرفت فى وجهك الكراهة؟ قالت فقال يا عائشة ما يؤمنى (2) أن يكون فيه عذاب: قد عذب قوم (3) بالريح وقد رأى قوم العذاب (4) فقالوا {هذا عارض ممطرنا} (5) (باب واذ صرفنا اليك نفرًا من الجن) الخ
__________
(1) معناه أنها ما رأته يحصل منه ذلك، واللهوات بتحريك الهاء جمع لهاء وهى اللجمة الحمراء المعلقة فى أعلى الحنك (2) بواو ساكنة ونون مشددة، وعند أبى داود ما يؤمننى بنونين، والمعنى لا آمن أن يكون فيه عذاب (3) هم عاد قوم هود أهلكوا بريح صرصر (4) هم عاد قوم هود أيضًا (فان قيل) قد تقرر أن النكرة إذا أعيدت نكرة كانت غير الأولى، وظاهر الحديث أن الذين عذبوا بالريح هم الذين قالوا هذا عارض ممطرنا (قلت) أجاب صاحب الكواكب الدرارى عن ذلك بأن القاعدة المذكورة إنما تطرد اذا لم يكن فى السياق قرينة تدل على الاتحاد، فان كان هناك قرينة كما فى قوله تعالى {وهو الذى فى السماء إله وفى الأرض إله فلا} (5) (التفسير) أول القصة قوله تعالى {واذكر أخا عاد اذ أنذر قومه بالأحقاف} الخ الآيات (قال الامام البغوى) رحمه الله قوله عز وجل {واذكر أخا عاد} يعنى هودًا {اذ أنذر قومه بالأحقاف} قال ابن عباس الأحقاف واد بين عمارة ومهرة، وقال مقاتل كانت منازل عاد باليمن فى حضرموت بموت يقال له مهرة واليها تنسب الابل المهرية، وكانوا أهل عمد سيارة فى الربيع فاذا هاج العود رجعوا الى منازلهم وكانوا من قبيلة ارم، قال قتادة ذكر لنا أن عادًا كانوا حيًّا باليمن وكانوا أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها الشجر، والحقاف جمع حقف وهى المستطيل المعوج من الرمال، قال ابن زيد هى من الرمل كهيئة الجبل ولم يبلغ أن يكون جبلًا، قال الكسائى هى ما استدار من الرمال (وقد خلت النذر) مضت الرسل (من بين يديه) أى من قبل هود (ومن خلفه) ومن بعده الى قومهم {ألا تعبدوا إلا الله إنى اخاف عليكم عذاب يوم عظيم، قالوا أجئتنا لتأفكنا} لتصرفنا (عن آلهتنا) أى عن عبادتها (فائتنا بما تعدنا) من العذاب (إن كنت من الصادقين) ان العذاب نازل بنا (قال) هود (انما العلم عند الله) وهو يعلم متى ياتيكم العذاب (وأبلغكم ما أرسلت به) من الوحى اليكم {ولكنى أراكم قومًا تجهلون فلما رأوه} يعنى ما يوعدون به من العذاب (عارضًا) سحابًا يعرض أى يبدو فى ناحية من السماء ثم يطبق السماء {مستقبل أوديتهم} فخرجت عليهم سحابة سوداء من واد لهم يقال له المغيث وكانوا قد حبس عنهم المطر، فلما رأوه استبشروا {قالوا هذا عارض ممطرنا} أى سحاب يأتينا بالمطر (بل هو) أى قال هود بل هو: ويدل عليه قراءة من قرأ ((قال هود بل هو)) (ما استعجلتم به) من العذاب ثم فسره فقال {ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شئ} تهلك من نفوس عاد وأموالهم الجم فعبر عن الكثرة بالكلية فجعلت الريح تحمل الفسطاط وتحمل الظعينة حتى ترى كأنها جراده (بأمر ربها) رب الريح فأول ما عرفوا أنها عذاب رأوا ما كان خارجًا من ديارهم من الرجال والمواشى تطير بهم الريح بين السماء والاض فدخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم، فجاءت الريح فقلعت أبوابهم وصرعتهم وأمر الله الريح فاسالت عليهم الرمال وكانوا تحت الرمل سبع ليال وثمانية أيام لهم أنين ثم أمر الله الريح فكشفت عنهم الرمال فاحتملتهم فرمت بهم فى البحر {فاصبحوا لا يرى الا مساكنهم} قرأ عاصم وحمزة ويعقوب

الصفحة 272