كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[قوله تعالى {فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا فى الأرض} الآيات وتفسيرها]-
قال بنخلة (1) ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى العشاء الآخرة {كادوا يكونون عليه لبدًا} (2) قال سفيان اللبد بعضهم على بعض كاللبد (3) بعضه على بعض (سورة محمد صلى الله عليه وسلم) (باب فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا فى الأرض) (عن أبى هريرة) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل لما خلق الخلق قامت الرحم (5) فاخذت بحقو الرحمن (6) قالت هذا مقام العائذ من القطيعة، قال أما ترضى أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك: اقرءوا ان شئتم {فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا فى الأرض وتقطعوا أرحامكم (7) أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون
__________
والترهيب ولهذا نجح فى كثير منهم وجاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفردًا وفودًا كما تقدم بيانه ولله الحمد والمنة (1) بالافراد ويقال بطن نخل، فان فى المصباح فى نخلة XXX بواد يأخذ الى قرن والطائف وبها كانت ليلة الجن وبها صلى النبى صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف لما سار الى الطائف (2) جمع لبدة بكسر اللام وسكون الموحدة أى جماعات تعجبًا مما رأو ومن عبادته واقتداء أصحابه به واعجابًا بما تلاه من القرآن لأنهم رأوا ما لم يروا مثله (3) اللبد على وزن ما تلبد من شعر أو صوف أو نحوه ويتعدى بالتضعيف فيقال لبدت الشئ تلبيدًا الزقت بعضه ببعض حتى صار كاللبد (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد من حديث الزبير وسنده صحيح وان كان معقدًا، وأورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) ورواه أيضًا الحاكم من حديث زر بن حبيش عن ابن مسعود وتقدم لفظه وصححه الحاكم وأقره الذهبى، وله شواهد كثيرة فى الصحيحين وغيرهما تعضده (سورة محمد صلى الله عليه وسلم) (باب) (4) (سنده) حدّثنا أبو بكر الحنفى حدثنى معاوية بن أبى مزرِّد قال حدثنى عمى سعيد أبو الحباب قال سمعت أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) قامت حقيقة بأن تجسمت: وعند الامام احمد وسيأتى من حديث عبد الله بن عمرو فى باب ما جاء فى قطع صلة الرحم من قسم الترهيب انها تتكلم بلسان طلق ذاق (6) الحقو بفتح الحاء المهملة وسكون القاف، والاصل فيه معقد ازار، أى موضع عقده وهو الخصر، ثم سمى به الازار المجاورة، قال البيضاوى لما كان من عادة المستجير ان يأخذ بذيل المستجار به أو بطرف ردائه وازاره وربما أخذ بحقو ازاره مبالغة فى الاستجارة فكأنه يشير به الى أن الملطوب ان يحرسه ويذب عنه ما يؤذيه كما يحرس ما تحت ازاره ويذب عنه فانه لاصق به لا ينفك عنه استعير ذلك للرحم اهـ (قلت) واضافة الحقو الى الله عز وجل من المتشابه الذى نؤمن به كما جاء من غير تشبيه ولا تمثيل ونكل علمه الى الله عز وجل {ليس كمثله شئ} (7) (التفسير) أى فلعلكم ان توليتم عن الجهاد ونكلتم عنه واعرضتم عن دين رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته، وقال بعضهم هو من الولاية، وقال المسيب بن شريك والفراء يقول فهل حسبتم ان وليتم أمر الناس ان تفسدوا فى الأرض النفار والتناهب وقطع الأرحام بمقاتلة بعض الأقارب بعضًا ووأد البنات، وخبر عسى: لعظ ان تفسدوا، والشرط اعتراض بين الاسم والخبر، والتقدير فهل عسيتم ان تفسدوا فى الأرض وتقطعوا أرحامكم ان توليتم (أولئك) اشارة الى المذكورين (الذين لعنهم الله) أبعدهم عن رحمته (فأصمهم) عن استماع الموعظة (وأعمى أبصارهم) طريق الهدى وهذا نهى عن الإفساد فى الأرض عمومًا وعن قطع الأرحام خصوصًا بل قد أمر الله تعالى بالإصلاح في