كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

-[فضل سورة الفتح وتفسير قوله تعالى (انا فتحنا لك- الى قوله- وما تأخر)]-
القرآن أم على قلوب أقفالها (سورة الفتح) (باب ما جاء فى فضلها ووقت نزولها) (عن عمر بن الخطاب) (1) رضى الله عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفر (2) قال فسألته عن شئ ثلاث مرات فلم يرد على (3) قال فقلت لنفسى ثكلتك (4) أمك يا ابن الخطاب نزرت (5) رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات فلم يرد عليك: قال فركبت راحلتى فتقدمت مخافة أن يكون نزل فىَّ شئ، قال فاذا أنا بمناد ينادى يا عمر أين عمر، قال فرجعت وأنا أظن أنه نزل فىّ شئ: قال فقال النبى صلى الله عليه وسلم نزلت على ّ البارحة سورة هى أحب إلىَّ من الدنيا وما فيها (6) {انا فتحنا لك فتحًا مبينًا (7)
__________
الأرض وصلة الأرحام وهو الإحسان الى الاقارب فى المقال والأفعال وبذل الأموال، وقد وردت الأحاديث الصحاح والحسان بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طرق عديدة ووجوه كثيرة ستأتى فى أبوابها من قسم الترغيب ان شاء الله تعالى {أفلا يتدبرون القرآن} فيعرفوا ما فيه من المواعظ والزواجر ووعيد البغاة حتى لا يجسروا على المعاصى {أم على قلوب أقفالها} أم بمعنى بل وهمزة التقرير للتسجيل عليهم بان قلوبهم مقفلة لا يتوصل لها ذكر: ونكرت القلوب لأن المراد على قلوب قاسية مبهم أمرها فى ذلك، والمراد بعض القلوب وهى قلوب المنافقين، واضيفت الاقفال الى القلوب لأن المراد الأقفال المختصة بها وهى أقفال الكفر استغلقت بالختم والطبع فلا تفتح نحو الدين نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) (ق. وغيرهما)
(سورة الفتح) (باب) (1) (سنده) حدّثنا أبو نوح حدثنا مالك بن أنس عن زيد أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب الخ (غريبه) (2) هو سفر الحديبية كما فى حديث أنس الآتى (3) أى لاشتغاله بما كان من نزول الوحى (4) بفتح المثلثة وكسر الكاف أى فقدتك، دعا على نفسه بسبب ما وقع منه من الالحاح (5) بفتح النون ثم زاى مخففة مفتوحة فراء ساكنة الححت عليه وبالغت فى السؤال (6) جاء عند البخارى (لقد أنزلت على ّ الليلة سورة لهى أحب إلى مما طلعت عليه الشمس) أى لما فيها من البشارة بالمغفرة والفتح وغيرهما (7) (التفسير) {انا فتحنا لك فتحًا مبينًا} الفتح الظفر بالبلدة عنوة أو صلحًا بحرب أو بغير حرب، لأنه مغلق ما لم يظفر به، فاذا ظفر به فقد فتح وقد نزلت هذه الآية مرجع النبى صلى الله عليه وسلم من مكة عام الحديبية عدة له بالفتح وجئ به على لفظ الماضى لأنها فى تحققها بمنزلة الكائنة، وفى ذلك من الفخامة والدلالة على علة شأن المخبر عنه وهو الفتح ما لا يخفى والخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم وحده، واختلف فى تعيين هذا الفتح فقال الأكثر هو صلح الحديبية كما يدل على ذلك أحاديث الباب وقال قوم إنه فتح مكة، وقال آخرون إنه فتح خيبر: والأول أرجح ويؤيده أيضًا حديث البراءين عازب عند البخارى قال تعدون أنتم الفتح فتح مكة وقد كان فتح مكة فتحًا ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عشرة مائة والحديبية يثر فنزحناها فلم تترك فيها قطرة (يعنى أنها لم تكف لشربهم) فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاها فجلس على شفيرها ثم دعا باناء من ماء فتوضأ ثم تمضمض ودعا ثم صبه فيها فتركناها ثم أنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركائبنا يعنى أن ماءها بعد ذلك كفاهم جميعًا مع دوابهم، وفى هذا معجزة للنبى صلى الله عليه وسلم وروى عن ابن مسعود وغيره أنه قال انكم تعدون الفتح فتح مكة ونحن نعد الفتح صلح الحديبية (وعن جابر) مثله، وعن مجمع بن جارية وسيأتى فى باب تقسيم غنيمة خيبر الخ فى حوادث السنة السابعة من كتاب السيرة

الصفحة 275