كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[تفسير قوله تعالى (ويتم نعمته عليك- الى قوله- فوزًا عظيمًا)]-
ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} (عن أنس) (1) قال لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية نزلت هذه الآية {انا فتحنا لك فتحًا مبينًا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر (2) ويتم نعمته عليك ويهديك صراطًا مستقيمًا} قال المسلمون يا رسول الله هنيئًا لك ما أعطاك الله فما بالنا؟ فنزلت {ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزًا عظيمًا} (باب وهو الذى كف أيديكم عنهم) الآية (وعنه أيضًا) (3) قال لما كان يوم الحديبية هبط (4) على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه
__________
النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم عند رجوعهم من الحديبية اجتمع الناس إليه فقرأ عليهم إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أى رسول الله وفتح هو؟ قال أى والذى نفس محمد بيده إنه لفتح وقال الزهرى لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية: وذلك أن المشركين اختلطوا بالمسلمين فسمعوا كلامهم فتمكن الإسلام فى قلوبهم أسلم فى ثلاث سنين خلق كثير وكثرتهم سواد الاسلام {ليغفر لك الله} قيل الفتح ليس بسبب للمغفرة، والتقدير انا فتحنا لك فتحًا مبينًا فاستغفر ليغفر لك الله، ومثله اذا جاء نصر الله إلى قوله فسبح بحمد ربك واستغفره {ما تقدم من ذنبك وما تأخر} اختلف فى معنى قوله تعالى {ما تقدم من ذنبك وما تأخر} فقيل ما فرط منك مما يصح أن تعاقب عليه قبل الرسالة وما بعدها: قاله مجاهد وسفيان الثورى وابن جرير والواحدى وغيرهم: وفيه أقوال أخرى ضعيفة والظاهر قول مجاهد ومن وافقه، ويكون المراد بالذنب بعد الرسالة ترك ما هو الأولى، وسمى فى حقه ذنبًا لجلالة قدره وإن لم يكن ذنبًا فى حق غيره (تخريجه) (خ مذ نس) (وفى الباب) حديث طويل عن ابن مسعود تقدم بطوله وشرحه وتخريجه فى باب من نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس من أبواب فضاء الفوائت فى الجزء الثانى صحيفة 305 رقم 210 وكنت اشرت هناك بانى ساذكره هنا غير أنى وجدت فى هذا الباب ما يغنى عنه فلا داعى للتكرار (1) (سنده) حدّثنا يزيد انا همام عن أنس (يعنى ابن مالك) الخ (التفسير) (2) تقدم تفسير هذه الجملة فى شرح الحديث السابق (أما تفسير بقية الآية) فقوله عز وجل {ويتم نعمته عليك} أى باعلاء دينك وفتح البلاد على يديك {ويهديك صراطًا مستقيمًا} ويثبتك على الدين المرضى {وينصرك الله نصرًا عزيزًا} قويًا منيعًا لا ذل بعده أبدًا {هو الذى أنزل السكينة فى قلوب المؤمنين} أى السكون والطمأنينة بسبب الصلح: وقيل السكينة الصبر على ما أمر الله والثقة بوعد الله {ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم} يقينًا على يقينهم بشرائع الدين كلما نزل واحدة منها آمنوا بها منها الجهاد {ولله جنود السموات والأرض} فلو أراد نصر دينه بغيركم لفعل {وكان الله عليمًا} بخلقه (حكيمًا) فى صنعه أى الم يزل متصفًا بذلك (ليدخل) متعلق بمحذوف أى أمر بالجهاد ليدخل {المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها} أى ماكثين فيها أبدًا {ويكفر عنهم سيئاتهم} أى خطاياهم وذنوبهم فلا يعاقبهم عليها بل يعفو ويصفح ويغفر ويستر ويرحم {وكان ذلك عند الله فوزًا عظيمًا} كقوله تعالى: {فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز}، لا أحرمنا الله من ذلك (تخريجه) (ق. وغيرهما) (باب) (3) (سنده) حدّثنا يزيد حدثنا حماد عن ثابت البنانى عن أنس قال لما كان يوم الحديبية الخ (غريبه) (4) أى نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ