كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع كفار قريش فى صلح الحديبية]-
ثمانون رجلًا (1) من أهل مكة فى السلاح من قبل (2) جبل التنعم فدعا عليهم فأخذوا (3) ونزلت هذه الآية (4) {وهو الذى كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم} قال يعنى جبل التنعيم فى مكة (5) (عن عبد الله بن مغفل المزنى) (6) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالحديبية فى أصل الشجرة التى قال الله تعالى فى القرآن (7) وكان يقع من أغصان تلك الشجرة على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلىّ بن أبى طالب وسهيل بن عمرو (8) بين يديه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى رضى الله عنه اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فأخذ سهيل بن عمرو بيده، ما نعرف بسم الله الرحمن الرحيم اكتب فى قضيتنا ما نعرف: باسمك اللهم، فكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله أهل مكة: فأمسك سهيل بن عمرو بيده وقال لقد ظلمناك إن كنت رسوله، اكتب فى قضيتنا ما نعرف، فقال اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب وأنا رسول الله (10) فكتب فبينما نحن كذلك (يعنى نكتب شروط الصلح) إذ
__________
(1) جاء عند الترمذي من حديث أنس قال أيضًا إن ثمانين هبطوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة من جبل التنعيم عند صلاة الصبح وهم يريدون أن يقتلوه (يعنى النبى صلى الله عليه وسلم) فأخذوا أخذًا فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله وهو الذى كف أيديهم عنكم الخ (2) قيل بكسر القاف وفتح الموحدة أى من جهة جبل التنعيم، قال فى القاموس التنعيم موضع على ثلاثة أميال، أو أربعة من مكة اقرب اطراف الحلل الى البيت، سمى بذلك لأن على يمينه جبل نعيم وعلى يساره جبل ناعم والوادى اسمه نعمان اهـ وفى المصباح يعرف بمساجد عائشة (3) جاء فى الحديث التالى فأخذ الله بأبصارهم فقدمنا اليهم فأخذناهم، وفيه ان النبى صلى الله عليه وسلم خلى سبيلهم (4) (سيأتى تفسيرها فى الحديث التالى (5) الظاهر ان هذا تفسير لقوله تعالى {ببطن مكة} (تخريجه) (م د نس مذ) (6) (سنده) حدّثنا زيد بن الحباب قال حدثنى حسين بن واقد قال حدثنى ثابت البنانى عن عبد الله بن مغفل المزنى الخ (غريبه) (7) يعنى قوله تعالى {لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} وتسمى بيعة الرضوان لرضا الله عز وجل عن أصحابها وسيأتى الكلام عليها مستوفى فى القسم الثانى من كتاب السيرة النبوية (8) ابن عبد شمس بن عبدود العامرى أخو السكران بن عمرو زوج سودة قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم اسلم سهيل يوم الفتح واستشهد يوم اليرموك وقيل مات فى طاعون عمواس والله أعلم (9) جاء عند البخارى بعد هذه الجملة فقال النبى صلى الله عليه وسلم اكتب باسمك اللهم ثم قال هذا ما فاضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (10) يعنى وان كذبتمونى قال العلماء وافقهم النبى صلى الله عليه وسلم فى ترك كتابة بسم الله الرحمن الرحيم وانه كتب باسمك اللهم، وكذا وافقهم فى محمد ابن عبد الله وترك كتابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانما وافقهم فى هذه الأمور للمصلحة المهمة الحاصلة بالصلح مع أنه لا مفسدة فى هذه الأمور، اما البسملة باسمك اللهم فمعناها واحد: وكذا قوله محمد ابن عبد الله هو أيضًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس فى ترك وصف الله سبحانه وتعالى فى هذا الموضع بالرحمن الرحيم ما ينفي