كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[تفسير قوله تعالى (وهو الذى كف أيديهم عنكم- الى قوله- بصيرًا) وتفسرها]-
خرج علينا ثلاثون شابًا (1) عليهم السلام فثاروا فى وجوهنا فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخذ الله عز وجل بأبصارهم (2) فقدمنا إليهم فأخذناهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل جئتم فى عهد أحد أو هل جعل لكم أحدًا أمانًا؟ (3) فقالوا لا، فخلى سبيلهم فأنزل الله عز وجل {وهو الذى كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرًا} (4) (سورة الحجرات) (باب يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم) الآية (عن ابن أبى مليكة) (5) قال كاد الخيران (6) أن يهلكا أبو بكر وعمر رضى الله عنهما، لما قدم على النبى صلى الله عليه وسلم وقد بنى تميم (7) أشار أحدهما (8) بالأقرع بن حابس الحنظلى أخى بنى مجاشع وأشار الآخر (9) بغيره قال أبو بكر لعمر انما أردت خلافى (10) فقال عمر ما أردت خلافك فارتفعت أصواتهما عند النبي صلى الله عليه وسلم
__________
ذلك ولا في ترك وصفه أيضًا صلى الله عليه وسلم هنا بالرسالة ما ينفيها فلا مفسدة فيما طلبوه وانما كانت المفسدة تكون لو طلبوا ان يكتب ما لا يحل من تعظيم آلهتهم ونحو ذلك (1) تقدم فى حديث أنس السابق انهم ثمانون رجلًا ولا منافاة فى ذلك لأن كل راو أخبر بما علم (2) أى لم يشعروا ولم يبصروا قدوم أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم لأخذهم فاخذوهم وجاءوا بهم الى النبى صلى الله عليه وسلم (3) انما سألهم النبى صلى الله عليه وسلم لأنه لو كان لهم عهد أو أمان من أحد الصحابة بعد فعلهم هذا لوجب العفو عنهم، وقد ظهر باعترافهم أنه ليس معهم أمان ولا عهد فكانوا يستحقون القتل أو الدخول فى الاسلام، ومع هذا فقد عفى عنهم وخلى سبيلهم وهذا من كرم أخلاقه ومزيد حلمه وحسن سياسته صلى الله عليه وسلم (4) (التفسير) {وهو الذى كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم} فى هذه الجملة امتنان من الله عز وجل على عباده المؤمنين حين كف أيدى المشركين عنهم فلم يصل اليهم منهم سوء، وكف أيدى المؤمنين عن المشركين فلم يقاتلوهم عند المسجد الحرام، بل صان كلا من الفريقين وأوجد بينهم صلحًا فيه خيرة للمؤمنين وعاقبة لهم فى الدنيا والآخرة (ببطن مكة) أى الحديبية لأن بعضها منسوب الى الحرم {من بعد أن أظفركم عليهم} كف الله النبى صلى الله عليه وسلم عنهم بعد أن اظفره عليهم لبقايا من المسلمين كانوا أبقوا فيه كراهية ان تطأهم الخيل {وكان الله بما تعملون} قرأ ابو عمرو بالياء التحتية وقرأ الآخرون بالياء الفوقية (بصيرًا) أى لم يزل متصفًا بذلك (تخريجه) (نس) وابن جرير والبغوى وابن اسحاق وسنده جيد (وقال عبد الله) بن الامام احمد رحمهما الله عقب هذا الحديث فى المسند: قال حماد بن سلمة فى هذا الحديث عن ثابت بن أنس: وقال حسين بن واقد عن عبد الله بن مغفل وهذا الصواب عندى ان شاء الله والله أعلم (باب) (5) (سنده) حدّثنا وكيع حدثنا نافع بن عمرو الجمحى عن ابن أبى مليكة الخ (غريبه) (6) بفتح المعجمة وتشديد التحتية أى الفاعلان للخير (7) كان ذلك سنة تسع وسألوا النبى صلى الله عليه وسلم ان يؤمِّر عليهم أحدًا (8) هو عمر بن الخطاب كما عند البخارى فى رواية أخرى من طريق ابن جريح (9) هو أبو بكر رضى الله عنه (بغيره) هكذا عند الامام احمد وفى رواية للبخارى لم يذكر اسم الغير (وللبخارى) من رواية ابن جريج (فقال أبو بكر أمِّر القعقاع بن معبد) بفتح الميم والموحدة ابن زرارة (10) أى ما أردت الا خلافى كما صرح بذلك