كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

-[قصة ثابت بن قيس فى رفع الصوت ومنقبة عظيمة له]-
النبي صلى الله عليه وسلم حديثه كاخى السرار لم يسمعه حتى يستفهمه (عن أنس بن مالك) (1) قال لما نزلت هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى} - إلى قوله- {وأنتم لا تشعرون} (2) وكان ثابت بن قيس بن الشَّماس رفيع الصوت فقال أنا الذى كنت أرفع صوتى على رسول الله صلى الله عليه وسلم حبط عملى، أنا من أهل النار، وجلس فى أهله حزينًا فتفقده رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) فانطلق بعض القوم إليه (4) فقالوا له تفقدك رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك؟ فقال أنا الذى رفعت صوتى فوق صوت النبى صلى الله عليه وسلم وأجهر بالقول حبط عملى وأنا من أهل النار: فأتوا النبى صلى الله عليه وسلم فأخبروه بما قال (5) فقال لا بل هو من أهل الجنة (6) قال أنس وكنا نراه يمشى بين أظهرنا ونحن نعلم أنه من أهل الجنة (7) فلما كان يوم اليمامة (8) كان فينا بعض الانكشاف (9) فجاء ثابت بن قيس بن شماس وقد تحنط ولبس كفنه فقال بئسما تعوِّدون أقرانكم (10) فقاتلهم حتى قتل (11)
__________
ويأتي في الباب اللاحق التصريح بذلك اهـ (قلت) يشير الى ما رواه البخارى من طريق ابن جريج عن ابن أبى مليكة ان عبد الله بن الزبير اخبرهم أنه قدم ركب من بنى تميم فذكره، ورواه أيضًا الترمذى عن ابن أبى مليكة قال حدثنى عبد الله بن الزبير فذكره وبهذا انتفى الارسال والله أعلم (قال الحافظ بن كثير) فة تفسيره قال العلماء يكره رفع الصوت عند قبره كما كان يكره فى حياته عليه الصلاة والسلام لأنه محترم حيًا، وفى قبره دائمًا، ثم نهى عن الجهر له بالقول كما يجهر الرجل لمخاطبه ممن عداه بل يخاطب بسكينة ووقار وتعظيم، ولهذا قال تبارك وتعالى {ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض} كما قال {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا} (1) (سنده) حدّثنا هاشم حدثنا سليمان عن ثابت عن أنس ابن مالك الخ (غريبه) (2) تقدم تفسير هذه الآية فى شرح الحديث السابق (3) أى طلبه عند غيبته واحتباسه عن النبى صلى الله عليه وسلم (4) هو عاصم بن عدى كما صرح بذلك ابن جرير والبغوى (5) جاء عند البغوى فأتى عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبره خبره، ولعل عاصمًا كان معه بعض القوم وخصه بالذكر لأنه هو الذى أرسله النبى صلى الله عليه وسلم (6) زاد ابن جرير والبغوى ان النبى صلى الله عليه وسلم قال لعاصم اذهب فادعه لى فدعاه فأتيا النبى صلى الله عليه وسلم (وكان ثابت يبكى) فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يبكيك يا ثابت؟ فقال أنا صيِّت (يعنى رفيع الصوت) وأتخوف أن تكون هذه الآية نزلت فىّ {لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى ولا تجهروا له بالقول} فقال له النبى صلى الله عليه وسلم أما ترضى أن تعيش حميدًا وتقتل شهيدًا وتدخل الجنة؟ فقال رضيت ببشرى الله ورسوله ولا أرفع صوتى أبدًا على صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل {ان الذين يغضون أصواتهم عن رسول الله} الآية (7) أى لأن النبى صلى الله عليه وسلم بشره بذلك رضى الله عنه (8) بفتح الياء التحتية مدينة من اليمن على مرحلتين من الطائف وأربع من مكة (9) أى الانكسار وانهزمت طائفة منهم (10) جمع قرن بكسر القاف وسكون الراء الكف أو النظير فى الشجاعة والحرب أى بئسما تعوِّدون نظراءكم وأكفاءكم فى القتال (11) كان رضى الله عنه فى الجيش الذى بعثه أبو بكر رضى الله عنه بقيادة خالد بن الوليد لقتال مسيلمة الكذاب فى أواخر العام الذى توفى فيه النبى صلى الله عليه وسلم سنة إحدى عشرة واستشهد فيه مع كثير من القراء الذين يحفظون القرآن

الصفحة 280