كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

-[تفسير {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق} الآيات وقصة الحارث بن ضرار مع الوليد بن عقبة]-
الطريق فرق (1) فرجع فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله ان الحارث منعنى الزكاة وأراد قتلى: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم البعث (2) الى الحارث فأقبل الحارث بأصحابه اذ استقبل البعث وفصل من المدينة لقيهم الحارث (3) فقالوا هذا الحارث فلما غشيهم (4) قال لهم الى من بعثتم؟ قالوا اليك، قال ولم؟ قالوا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بعث اليك الوليد بن عقبة فزعم انك منعته الزكاة وأردت قتله، قال لا والذى بعث محمدًا بالحق ما رأيته بتة (5) ولا اتانى، فلما دخل الحارث على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال منعت الزكاة وأردت قتل رسولى؟ قال لا والذى بعثك بالحق ما رأيته ولا اتانى، وما أقبلت إلا حين احتبس علىّ رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم خشيت أن تكون كانت سخطة من الله عز وجل ورسوله، فنزلت الحجرات (يا يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق (6) بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين- الى قوله تعالى- فضلًا من الله ونعمة والله عليم حكيم)
__________
في تهذيب الاسماء للنووى (1) بالتحريك أى خاف لأن القوم لما علموا بقدومه خرجوا للقائه مسرعين فرحين مستبشرين بقدوم رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثه الشيطان انهم يريدون قتله لا سيما وقد كان بينه وبينهم عداوة فى الجاهلية كما يستفاد من رواية ابن جرير والبغوي: XXX ورجع من الطريق وقال فيهم ما قال (2) أى أسرع بتجهيز البعث الى الحارث وقومه، فقد جاء عند البغوى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خالد ابن الوليد اليهم خفية فى عسكر وقال انظر فان رأيت منهم ما يدل على ايمانهم فخذ منهم زكاة أموالهم، وان لم تر ذلك فاستعمل فيهم ما يستعمل فى الكفار (3) معناه ان الحارث اقبل باصحابه قاصدًا المدينة فلما كان على مقربة منها لقى خالدًا وعسكره بعد خروجهم من المدينة (فقالوا هذا الحارث) يعنى الذى كنا نطلبه قد حضر (4) أى جاءهم وصار معهم فى مكان واحد (قال لهم الخ) (5) أى قطعًا (6) (التفسير) {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق} يعنى الوليد بن عقبة (بنبأ) أى خبر، وفى تنكير الفاسق والنبأ شياع فى الفساق والنباء كأنه قال أى فاسق جاءكم بنبأ (فتبينوا) أى توثقوا فيه وتطلبوا بيان الأمر وانكشاف الحقيقة ولا تعتمدوا قول الفاسق، لأن من لا يتحامى جنس الفسوق لا يتحامى الكذب الذى يعد نوع منه: وقرأ حمزة والكسائى فتثبتوا من التثبيت: الباقين فتبينوا من التبيين (أن تصيبوا) كى لا تصيبوا بالقتل والقتال (قومًا) برآء (بجهالة) حال يعنى جاهلين بحقيقة الأمر وكنه القصة (فتصبحوا) فتصيروا {على ما فعلتم نادمين} الندم ضرب من الغم وهو ان تغتم على ما وقع منك تتمنى انه لم يقع: وهو غم يصحب الانسان صحبة لها دوام {واعلموا أن فيكم رسول الله} فاتقوا الله أن تقولوا باطلًا أو تكذبوه فان الله يخبره ويعرفه أحوالكم فتفتضحوا (لو يطيعكم) أى الرسول (فى كثير من الأمر) لما تخبرونه به فيحكم برأيكم (لعنتُّم) أى لائمتم وهلكتم، والعنت الاثم والهلاك (ولكن الله حبب اليكم الايمان) فجعله أحب الديان اليكم (وزينه) حسنه (فى قلوبكم) حتى اخترتموه وتطيعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم {وكرّه اليكم الكفر والفسوق} قال ابن عباس الكذب (والعصيان) ترك الانقياد لما أمر به الشارع {أولئك هم الراشدون} أى أولئك المستثنون هم الراشدون يعنى أصابوا طريق الحق ولم يميلوا عن الاستقامة، والرشد، والاستقامة على طريق الحق مع تصلب فيه، من الرشادة وهى الصخرة {فضلًا من الله ونعمة}

الصفحة 283