كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

-[قوله تعالى (ولا تنابزوا بالألقاب) الآية وقوله (يوم نقول لجهنم هل امتلأت) الآية وتفسيرها]-
(ولا تنابزوا بالألقاب) (1) قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وليس منا رجل إلا وله اسمان أو ثلاثة (2) فكان إذا دعي أحد منهم باسم من تلك الأسماء قالوا يا رسول الله إنه يغضب من هذا، قال فنزلت (ولا تنابزوا بالألقاب) (وعنه من طريق ثان) (3) عن عمومة له قدم النبي صلى الله عليه وسلم وليس أحد منا إلا لقب أو لقبان: قال فكان إذا دعا رجلًا بلقبه قلنا يا رسول الله إن هذا يكره هذا، قال فنزلت (ولا تنابزوا بالألقاب) (سورة ق) (باب يوم نقول لجهنم هل امتلأت) الآية (حدثنا يونس) (4) ثنا شيبان عن قتادة فذكر شيئًا من التفسير قال قوله عز وجل (يوم نقول لجهنم هل امتلأت) (5) قال حدثنا أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تزال
__________
ابن الضحاك الخ) (1) (التفسير) ولا تنابزوا بالألقاب) أي لا يدعو بعضكم بعضًا بلقب يكرهه والتنابز التفاعل من النبز بالتسكين وهو المصدر، والنبز بالتحريك اللقب مطلقًا أي حسنًا كان أو قبيحًا، خص في العرف بالقبيح والجمع انباز، والألقاب جمع لقب وهو اسم غير الذي سمي به الإنسان، والمراد لقب السوء والتنابز بالألقاب هو أن يدعى الإنسان بغير ما سمي به مع كراهته لذلك، قال عكرمة وهو قول الرجل للرجل يا فاسق يا منافق يا كافر، وقال الحسن كان اليهودي والنصراني يسلم فيقال له بعد إسلامه يا يهودي يا نصراني فنهوا عن ذلك، قال عطاء هو أن تقول لأخيك يا حمار يا خنزير وروي عن ابن عباس قال التنابز بالألقاب أن يكون الرجل عمل السيئات ثم تاب عنها فنهي أن يعيَّر بما سلف من عمله وبقية الآية (بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان) أي بئس الاسم أن يقول له يا يهودي أو يا فاسق بعد ما آمن وتاب، وقيل معناه أن من فعل ما نهي عنه من السخرية واللمز والنبز فهو فاسق وبئس الاسم الفسوق بعد الإيمان فلا تفعلوا ذلك فتسحقوا اسم الفسوق (ومن لم يتب) من ذلك (فأولئك هم الظالمون (2) كان يلقب بعضهم بعضًا في الجاهلية بألقاب متعددة بعضها حسن وبعضها قبيح وكان بعضهم يكره بعض تلك الألقاب وأن يدعى بها فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فنزلت (3) (سنده) حدثنا حفص بن غياث ثنا داود بن أبي هند عن الشعبي عن أبي جبيرة الضحاك الأنصاري عن عمومة له الخ (تخريجه) (د مذ جه ك) وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح (قلت) وصححه أيضًا الحاكم وأقره الدهبي (باب) (4) حدثنا يونس الخ) (غريبه) (5) روي عن ابن عباس أن الله تعالى سبقت كلمته (لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) فلما سيق أعداء الله إليها لا يلقى فيها فوج إلا ذهب فيها ولا يملؤها شيء، فتقول ألست أقسمت لتملأني؟ فيضع قدمه عليها تعالىلا عما يقول الظالمون، ثم يقول هل امتلأت؟ فتقول قط قط قد امتلأت فليس فيَّ مزيد (ويستفاد منه) ومن حديث الباب أنها لا تكف عن طلب الزيادة إلا بعد أن يضع الله عز وجل قدمه فيها (التفسير) (يوم نقول لجهنم) قرأ نافع وأبو بكر بالياء التحتية وقرأ الآخرون بالنون (هل امتلأت) وذلك لما سبق لها من وعده إياها أنه يملؤها من الجنة والناس وهذا السؤال من الله عز وجل لتصديق خبره وتحقيق وعده (وتقول) جهنم (هل من مزيد) قال ابن عباس في رواية أبي صالح هذا استفهام بمعنى الاستزادة، وقال الوليد بن مسلم عن يزيد بن أبي مريم أنه سمع مجاهدًا يقول لا يزال يقذف فيها حتى يقول قد امتلأت فتقول هل من مزيد، وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم نحو هذا، فعند هؤلاء أن قوله تعالى هل امتلأت إنما هو بعدما يضع عليها قدمه

الصفحة 285