كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[قوله تعالى (وهو بالأفق الأعلى) الآيات وتفسيرها]-
جهنم تقول (هل من مزيد) هل يضع فيها رب العزة قدمه (1) فتقول قطٍ قطٍ (2) وعزتك ويُزوى (3) بعضها إلى بعض (سورة النجم) (باب وهو بالأفق الأعلى - إلى قوله - لقد رأى من آيات ربه الكبرى) (عن ابن مسعود) (4) أنه قال إن محمدًا لم يرد جبريل في صورته (5) إلا مرتين، أما مرة فإنه سأله أن يريه نفسه في صورته فأراه صورته (6) فسد الأفق، وأما الأخرى فإنه صعد معه حين صعد به (7) وقوله (وهو الأفق الأعلى (8) ثم دنا فتدلى فكان قاب
__________
فتنزوي وتقول حينئذ هل بقي فيّ مزيد يسع شيئًا، قال العوفي عن ابن عباس وذلك حين لا يبقى فيها موضع يسع إبرة، هذا والقول من جهنم غير مستنكر كإنطاق الجوارح، والسؤال لتوبيخ الكفرة لعلمه تعالى بأنها امتلأت أم لا (1) هذا الحديث من مشاهير أحاديث الصفات وقد سبق مرات الكلام على مثله، وللعلماء في ذلك كلام، وأقول كما قال جمهور السلف وطائفة من المتكلمين أنه لا يتكلم في تأويلها بل نؤمن أنها حق على من أراد الله ولها معنىً يليق به من غير تشبيه ولا تمثيل، وظاهرها غير مراد والله أعلم (2) معنى قط حبي أن يكفيني هذا، وفيه ثلاث لغات قط قط بإسكان الطاء فيهما وبكسرها منونة وغير منونة (3) بضم التحتية وسكون الزاي أي يضم بعضها إلى بعض فتجتمع وتلتقي على من فيها نعوذ بالله منها (تخريجه) (ق، وغيرهما) (باب) (4) (سنده) حدثنا أبو النضر حدثنا محمد بن طلحة عن الوليد بن قيس عن إسحاق بن أبي الكهتلة قال محمد أظنه عن ابن مسعود أنه قال أن محمدًا الخ (غريبه) (5) أي التي خلقه الله عليها (6) كانت هذه الرؤية في أوائل البعثة بعد ما جاءه جبريل عليه السلام أول مرة فأوحى الله إليه صدر سورة أقرأ ثم تر الوحي فترة ذهب النبي صلى الله عليه وسلم فيها مرارًا ليتردى من رءوس الجبال فكلما هم بذلك ناداه جبريل من الهواء يا محمد أنت رسول الله حقًا وأنا جبريل، فيسكن لذلك جأشه وتقر عينه، وكلما طال عليه الأمر جاء لمثلها حتى تبدَّى له جبريل عليه السالم بالأبطح في صورته التي خلقه الله عليها له ستمائة جناح قد سد عظم خلقه الأفق فاقترب منه وأوحى إليه عن الله عز وجل ما أمره به فعرف عند ذلك عظمة الملك الذي جاءه بالرسالة وجلالة قدره وعلو مكانته عند خالقه الذي بعثه الله (7) يعني عند سدرة المنتهى ليلة الإسراء كما سيأتي في الحديث التالي عن ابن مسعود أيضًا: وفيه رأيت جبريل عن سدرة المنتهى وله ستمائة جناح (8) (التفسير) قال البغوي في تفسيره المراد بالأفق الأعلى جانب المشرق، وذلك أن محمدًا صلى الله عليه وسلم كان بحراء فطلع له جبريل من المشرق فسد الأفق إلى المغرب فخر رسول الله صلى الله عليه وسلم مغشيًا عليه فنزل جبريل في صورة الآدميين وضمه إلى نفسه وجعل يمسح الغبار عن وجهه وهو قوله (ثم دنا فتدلى) اهـ وقال النسقي (ثم دنا) جبريل من رسول الله صلى الله عليه وسلم (فتدلى) فزاد في القرب والتدلي هو النزول بقرب الشيء (فكان قاب قوسين) مقدار قوسين عربيتين، وقد جاء التقدير الحديث لقاب قوس أحدكم من الجنة وموضع قِدَّه خير من الدنيا وما فيها، والقِد السوط وتقديره فكان مسافة قربه مثل قاب قوسين فحذفت المضافات (أو أدنى) أي على تقديركم كقوله أو يزيدون، ولأنهم خوطبوا على لغتهم ومقدار فهمهم، وهم يقولون هذا قدر رمحين أو أنقص وقيل بل أدنى (فأوحى) جبريل عليه السلام (إلى عبده) إلى عبد الله محمد صلى الله عليه وسلم قال ابن عباس في رواية عطاء والكلبي والحسن