كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

-[قوله تعالى (فبأي ألاء ربكما تكذبان) وقوله (فيومئذ لا يسئل عن ذنبه أنس ولا جان)]-
(سورة الرحمن جل جلاله) (باب فبأي آلاء ربكما تكذبان)
(عن أسماء بنت أبي بكر) (1) قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ وهو يصلي نحو الركن قبل أن يصدع (2) بما يؤمر والمشركون يستمعون (فبأي آلاء ربكما تكذبان) (3) (باب فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان) الخ (عن عائشة) (4) رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحاسب يوم القيامة أحد فيغفر له (5) يرى المسلم عمله في قبره (6) ويقول الله عز وجل (فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان (7) يعرف المجرمون بسيماهم)
__________
وقال عطاء سقر الطبق السادس من جهنم، وقال قُطْرُب (سقر) من سقرته الشمس وصقرته لوّحته ويوم مسمقر ومصمقر شديد الحر (أنا كل شيء خلقناه بقدر) كل منصوب بفعل مضمر يفسره الظاهر وقرأ به العامة وقرئ بالرفع شاذًا والنصب أولى وتقديره أنا خلقنا كل شيء بقدر فيكون الخلق عامًا لكل شيء وهو المراد بالآية، والقدر التقدير أي بتقدير سابق أو خلقنا كل شيء مقدرًا محكمًا مرتبًا على حسب ما اقتضته الحكمة أو مقدرًا مكتوبًا في اللوح معلومًا قبل خلقه قد علمنا حاله وزمانه، وقد استدل بهذه الآية الكريمة أئمة السنة على إثبات قدر الله السباق لخلقه، وردوا بهذه الآية وما شاكلها من الآيات وما ورد في معناها من الأحاديث الثابتات على الفرقة القدرية الذين نبغوا في أواخر عصر الصحابة، وقد ورد في ذم المكذبين بالقدر ولعنهم أحاديث كثيرة تقدمت في باب هجر المكذبين بالقدر في كتاب القدر في الجزء الأول صحيفة 140 فارجع إليه والله الموفق (تخريجه) (م مذجه) (باب) (1) (سنده) حدثنا يحيى بن إسحاق قال أنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن أسماء بنت أبي بكر الخ (غريبه) (2) قال في المصباح صدعته صدعًا من باب نفع شفقته فانصدع وصدعت القوم صدعًا فتصدعوا فوسقتهم فتفرقوا وقوله تعالى (فاصدع بما تؤمر) قيل مأخوذ من هذا أي شق جماعاتهم بالتوحيد وقيل أفرق بذلك بين الحق والباطل، وقيل أظهر ذلك وصدعت بالحق تكلمت به جهارًا اهـ والمعنى قبل أن يؤمر بالجهر بالقراءة وإظهار الدعوة (3) (التفسير) (فبأي آلاء) أي نعم (ربكما) أيها الإنس والجن (تكذبان) ذكرت احدى وثلاثين مرة، والاستفهام فيها للتقرير لما روى الحاكم عن جابر قال قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة الرحمن حتى ختمها ثم قال ما لي أراكم سكوتا؟ للجن كانوا أحسن منكم ردًا، ما قرأت عليهم هذه الآية في مرة (فبأي آلاء ربكما تكذبان) إلا قالوا ولا بشيء من نعمتك ربنا نكذب فلك الحمد (قلت) ورواه أيضًا البزار وصححه الحاكم وأقره الذهبي (تخريجه حديث الباب) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف وحديثه حسن وبقية رجاله رجال الصحيح (باب) (4) "سنده" (حدثنا) حسن حدثنا ابن لهيعة قال ثنا أبو الأسود عن عروة عن عائشة الخ (غريبه) (5) معناه من حوسب يوم القيامة ولفظه عن البخاري وليس أحد يحاسب إلا هلك، والمعنى واحد، والأحاديث يفسر بعضها بعضًا، وسيأتي الكلام عليه في تفسير السورة المذكورة (6) المعنى أن المؤمن يحاسب في القبر ليكون اهون عليه في الموقف فيمحص في الرزخ فيخرج وقد اقتص منه (7) (التفسير) هذه الجملة مرتبطة بما قبلها وهو قوله فإذا انشقت السماء

الصفحة 292