كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[قوله تعالى (ولمن خاف مقام ربه جنتان) وقوله (ثلة من الأولين وقليل من الآخرين)]-
(باب ولمن خاف مقام ربه جنتان) (وعن أبي الدرداء) (1) أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقص على المنبر (ولمن خاف مقام ربه جنتان) (2) فقلت وإن زنى وإن سرق يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الثانية (3) (ولمن خاف مقام ربه جنتان) فقلت الثانية (4) وإن زنى وإن سرق يا رسول الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم الثالثة (ولمن خاف مقام ربه جنتان) فقلت الثالثة وإن زنى وإن سرق يا رسول الله؟ قال نعم وإن رغم أنف أبي الدرداء (5) (سورة الواقعة) (باب ثلة من الأولين وقليل من الآخرين) (عن أبي هريرة) (6) رضي الله عنه قال لما نزلت (ثلة من الأولين (7) وقليل من الآخرين) شق ذلك على المسلمين فنزلت (ثلة من الأولين وثلة من
__________
فكانت وردة كالدِّهان ومعنى (انشقت) أي انفك بعضها من بعض لقيام الساعة أي انفرجت (فكانت وردة) فصارت كلون الورد الأحمر، وقيل أصل لون السماء الحمرة ولكن من بُعدها تُرى زرقاء (كالدهان) كدهن الزيت كما قال في المهل وهو دردى الزيت وهو جمع دهن وقيل الدهان الأديم الأحمر (فيومئذ) أي فيوم تنشق السماء (لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان) قال الحسن وقتادة لا يسئلون عن ذنوبهم لتعلم من جهتهم لأن الله عز وجل علمهما منهم وكتبت الملائكة عليهم، وهي رواية العوفي عن ابن عباس، وعنه أيضًا لا تسأل الملائكة المجرمين لأنهم يعرفونهم بسيماهم دليله ما بعده، وهذا قول مجاهد، وعن ابن عباس في الجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى (فوربك لنسألنهم أجمعين) قال لا يسألهم هل عملتم كذا وكذا لأنه أعلم بذلك منهم: ولكن يسألهم لم عملتم كذا وكذا؟ وعن عكرمة أنه قال إنها مواطن يسأل في بعضها ولا يسأل في بعضها: وعن ابن عباس أيضًا لا يسئلون سؤال شفقة ورحمة إنما يسئلون سؤال تقريع وتوبيخ (يعرف المجرمون بسيماهم) وهو سواد الوجوه وزرقة العيون كما قال جل ذكره (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وسنده جيد وإن كان فيه ابن لهيعة لكنه صرح بالسماع وله شواهد صحيحة تعضده (باب) (1) (سنده) (حدثنا) سليمان أنا إسماعيل بن جعفر أنا محمد بن حرملة عن عطاء ابن يسار عن أبي الدرداء الخ (التفسير) (ولمن خاف مقام ربه) أي موقفه الذي يقف فيه العباد للحساب يوم القيامة بين يدي الله عز وجل ونهى النفس عن الهوى ولم يطغ ولا آثر الحياة الدنيا وعلم أن الآخرة خير وأبقى فأدى فرائض الله واجتنب محارمه، وقيل خاف قيام ربه عليه أي إشرافه واطلاعه عليه بيانه قوله تعالى (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت) من كان هذا حاله فله عند ربه (جنتان) جنة لخوفه من ربه وجنة لتركه شهوته (قال الحافظ بن كثير) في تفسيره وهذه الآية عامة في الإنس والجن فهي من أدل دليل على أن الجن يدخلون الجنة إذا آمنوا واتقوا ولهذا امتن الله على الثقلين بهذا الجزاء فقال: ولمن خاف مقام ربه جنتان: ثم نعت هاتين الجنتين فقال (ذواتا أفنان) أي أغصان نضرة حسنة تحمل من كل ثمرة نضيجة فائقة (3) يعني كرر الآية مرة ثانية غير المرة الأولى (4) يعني وإن زنى وإن سرق (5) أي إن تاب من ذنبه وأحسن التوبة لأنه لا يخاف مقام ربه إلا من تاب من ذنبه وندم على فعله والله أعلم (تخريجه) (نس) وابن جرير والبغوي ورجاله ثقات (باب) (6) حدثنا أسود بن عامر ثنا شريك عن محمد بياع الملاء عن أبيه عن أبي هريرة الخ (7) هذه الآية مرتبطة بالآية التي قبلها وهي قوله تعالى (والسابقون السابقون أولئك المقربون في