كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[تفسير قوله تعالى (والسابقون السابقون) إلى قوله (وقليل من الآخرين)]-
الآخرين) فقال أنتم ثلث أهل الجنة بل أنتم نصف أهل الجنة وتقاسمونهم النصف الباقي (باب وظل ممدود) (حدثنا عبد الرزاق) (1) ثنا معمر عن قتادة في قوله تعالى (وظل ممدود) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال أن في الجنة شجرة (2) يسير الراكب في ظلها (3) مائة عام لا يقطعها (4) قال معمر أخبرني محمد بن زياد أنه سمع أبا هريرة يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم
__________
جنات النعيم، ثلة من الأولين وقليل من الآخرين) (التفسير) (والسابقون) مبتدأ (السابقون) خبره تقديره السابقون إلى الإيمان السابقون إلى الجنان، وقيل الثاني تأكيد للأول، والخبر (أولئك المقربون) والأول أوجه (في جنات النعيم) أي هم في جنات النعيم (ثلة من الأولين) أي هم ثلة: والثلة الأمة من الناس الكثيرة والمعنى أن السابقين كثير من الأولين وهم الأمم من لدن آدم إلى نبينا محمد عليهما الصلاة والسلام (وقليل من الآخرين) وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم وهذا مروي عن مجاهد والحسن البصري رواله عنهما ابن أبي حاتم وهو اختيار ابن جرير (قال القرطبي في تفسيره) وسموا قليلًا بالإضافة إلى من كان قبلهم لأن الأنبياء المتقدمين كثروا فكثر السابقون إلى الإيمان منهم فزادوا على عدد من سبق إلى التصديق من أمتنا، وقيل لما نزل هذا شق على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت: ثلة من الأولين وثلة من الآخرين: فقال النبي صلى الله عليه وسلم إني لأرجو أن ت كونوا ربع أهل الجنة بل ثلث أهل الجنة بل نصف أهل الجنة وتقاسمونهم في النصف الثاني رواه أبو هريرة ذكره الماوردي وغيره (قلت والإمام أحمد كما في حديث الباب) قال ومعناه ثابت في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن مسعود وكأنه أراد أنها منسوخة، والأشبه أنها محكمة لأنها خبر ولأن ذلك في جماعتين مختلفتين: قال الحسن سابقوا من مضى أكثر من سابقينا فلذلك قال (وقليل من الآخرين) وقال في أصحاب اليمين وهم سوى السابقين (ثلة من الأولين وثلة من الآخرين) ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم إني لأرجو أن تكون أمتي شطر أهل الجنة ثم تلا قوله (ثلة من الأولين وثلة من الآخرين) اهـ (وقال النسفي في تفسيره) فإن قلت كيف قال قبل هذا (وقليل من الآخرين ثم قال هنا (وثلة من الآخرين) (قلت) ذاك في السابقين وهذا في أصحاب اليمين وأنهم يتكاثرون في الأولين والآخرين جميعًا وعن الحسن سابقوا الأمم أكثر من سابقي أمتنا وتابعوا الأمم مثل تابعي هذه الأمة اهـ (وقال القرطبي) قال مجاهد كل من هذه الأمة: وروى سفيان عن أبان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم (الثلثان جميعًا من أمتي) يعني ثلة من الأولين وثلة من الآخرين، وروى هذا القول عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال كلا الثلثين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فمنهم من هو في أول أمته ومنهم من هو في آخرها وهو مثل قوله تعالى (فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله، وقيل ثلة من الأولين أي من أول هذه الأمة: وقليل من الآخرين يسارع في الطاعات حتى يلحق درجة الأولين ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم خيركم قرني ثم سوّى في أصحاب اليمين بين الأولين والآخرين اهـ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه لابن أبي حاتم والإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد من حديث بياع الملاء عن أبيه ولم أعرفها وبقية رجاله ثقات، (باب) (1) (حدثنا عبد الرزاق الخ) (غريبه) (2) قيل هي طوبى وقيل هي شجرة الخلد (3) الظل له معان كثيرة عند أهل اللغة، والمراد هنا نعيمها أو ناحيتها (4) المراد بقطعها عدم الانتهاء بالمسير إلى المنتهى، وهذا الحديث موقوف على أنس