كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[قوله تعالى (وتجلعون رقكم أنكم تكذبون) وقوله (فروح وريحان)]-
في سجودكم (باب وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون) (عن علي رضي الله عنه) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وتجعلون رزقكم) (2) يقول شكركم (أنكم تكذبون) يقولون مطرنا (3) بنوء كذا وكذا بنجم كذا وكذا (باب فروح وريحان) (عن عائشة رضي الله عنها) (4) أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قرأ (فروح وريحان) (5)
__________
رقم 634 وإنما ذكرته هنا لمناسبة الآية (باب) (1) (سنده) حدثنا حسين بن محمد حدثنا إسرائيل عن عبد الأعلى عن أبي عبد الرحمن عن علي الخ (2) أول الآية (أفبهذا الحديث أنتم مدهنون وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون) (التفسير) (أفبهذا الحديث) يعني القرآن (أنتم مدهنون) متهاونون به كمن يدهن في بعض الأمر أي يلين جانبه ولا يتصلب فيه تهاونًا به، وقال ابن عباس وعطاء وغيرهما مدهنون أي مكذبون والمدهن الذي ظاهره خلاف باطنه كأنه شبه بالدهن في سهولة ظاهره وقيل المدهن المنافق أو الكافر الذي يلين جانبه ليخفي كفره (وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون) أي تجعلون شكر رزقكم التكذيب موضع الشكر، وفي قراءة علي رضي الله عنه وهي قراءة النبي صلى الله عليه ونسلم تجعلون شكركم أنكم تكذبون أي تجعلون شكركم لنعمة القرآن أنكم تكذبون به وسياق الحديث يدل على أنها نزلت في الأنواء ونسبتهم السقيا إليها والرزق المطر أي (تجعلون شكر ما يرزقكم الله من الغيث أنكم تكذبون بكونه من الله حيث تنسبونه إلى النجوم (3) بصيغة المجهول (وقوله بنوء كذا وكذا) بفتح النون وسكون الواو (بنجم كذا وكذا) وذلك أنهم كانوا إذا مطروا يقولون مطرنا بنوء كذا وكذا ولا يرون ذلك المطر من فل الله عليهم، فقيل لهم أتجعلون رزقكم أي شكركم بما رزقكم التكذيب، فمن نسب الإنزال إلى النجم فقد كذب برزق الله تعالى ونعمه، وكذب بما جاء به القرآن والمعنى أتجعلون بدل الشكر التكذيب وقد تقدم معنى النوء والكلام فيه مستوفى في باب اعتقاد أن المطر بيد الله الخ من أبواب صلاة الاستسقاء في الجزء السادس صحيفة 252 فارجع إليه (تخريجه) (مذ) وابن أبي ح اتم وابن جرير، وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب، وروى سفيان عن عبد الأعلى هذا الحديث بهذا الإسناد ولم يرفعه (باب) (4) (سنده) حدثنا وكيع عن هارون عن بديل عن عبد الله بن شقيق عن عائشة الخ (5) أول الآية (فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم) (التفسير) (فأما إن كان) يعني المختصر الذي حضرته الوفاة (من المقربين) من السابقين المذكورين في قوله (وكنتم أزواجًا ثلاثة في أول السورة وهم الذين فعلوا الواجبات والمستحبات وتركوا المحرمات والمكروهات وبعض المباحات (فروح) قرأ يعقوب بضم الراء وقرأ بها النبي صلى الله عليه وسلم كما قالت عائشة في حديث الباب: وقرأ الباقون بفتحها. فمن قرأ بالضم قال الحسن معناه تخرج روحه في الريحان، وقال قتادة الروح الرحمة أي له الرحمة، وقيل معناه فحياة لهم وبقاء لهم، ومن قرأ بالفتح معناه فله روح وهو الراحة وهو قول مجاهد وقال سعيد بن جبير فرحٌ وقال الضحاك مغفرة ورحمة (وريحان) استراحة، وقال مجاهد وسعيد بن جبير رزق، وقال آخرون هو الريحان الذي يشم، قال أبو العالية لا يفارق أحد من المقربين بين الدنيا حتى يؤتى بغصن من ريحان الجنة فيشمه ثم تقبض روحه: قال الحافظ ابن كثير وكل هذه الأقوال متقاربة صحيحة فإن من مات مقربًا حصل له جميع ذلك من الرحمة