كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[نزول قوله تعالى (وإذا جاءوك حيَّوك بما لم يحِّك به الله) وتفسيرها مع آيات أخرى]-
قالا حدثنا الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عائشة رضي الله عنه قالت أتى النبي صلى الله عليه وسلم ناس من ليهود فقالوا السام عليك يا أبا القاسم، فقال وعليكم، قالت عائشة فقلت وعليكم السام والذام (1) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة لا تكوني فاحشة، قالت فقلت يا رسول الله أما سمعت ما قالوا السام عليك؟ قال أليس قد رددت عليهم الذي قالوا قلت وعليكم؟ قال ابن نمير يعني في حديث عائشة أن الله عز وجل لا يحب الفحش ولا التفحش، وقال ابن نمير في حديثه فنزلت هذه الآية (وإذا جاءوك حيَّوك بما لم يحيك به الله) حتى فرغ (عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما) (2) أن اليهود كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم سام عليكم (ثم يقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول) فنزلت هذه الآية (وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله) (3)
(باب ويحلفون على الكذب وهم يعلمون، الآيات) (عن ابن عباس) (4) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل حجرة من حجره وعنده نفر من المسلمين قد كاد يقلص عنهم الظل (5) قال فقال إنه سيأتيكم إنسان ينظر إليكم بعيني شيطان فإذا أتاكم فلا تكلموه، قال فجاء رجل أزرق فدعاه
__________
وذلك أنهم كانوا يتناجون فيما بينهم دون المؤمنين وينظرون إلى المؤمنين ويتغامزون بأعينهم يوهمون المؤمنين أنهم يتناجون فيما يسوءهم فيحزنون لذلك ويقولون ما نراهم إلا وقد بلغهم عن إخواننا الذين اخرجوا في السرايا قتل أو موت أو هزيمة فيقع ذلك في قلوبهم ويحزنهم، فلما طال ذلك عليهم وكثر شكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم أن يتناجوا دون المسلمين فلم ينتهوا عن ذلك وعادوا إلى مناجاتهم فأنزل الله (ألم تر إلى الذين نُهوا عن النجوى) أي المناجاة (ثم يعودون لما نهوا عنه) أي يرجعون إلى المناجاة التي نهوا عنها (ويتنجاون) قرأ الأعمش وحمزة وينتجؤون على وزن يفتعلون، وقرأ الآخرون ويتناجون لقوله (إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول) وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد نهاهم عن النجوى فعصوه (وإذا جاءوك حيَّوك بما لم يحيِّك به الله)، وذلك أن اليهود كانوا يدخلون على النبي صلى الله عليه وسلم (ويقولون) السام عليك كما جاء في حديث الباب، والسام الموت وهم يوهمونه أنهم يقولون السلام عليك، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرد عليهم فيقول عليكم، فإذا خرجوا قالوا في أنفسهم (لولا يعذبنا الله بما نقول) يريدون لو كان نبيًا حقًا لعذبنا الله بما نقول: قال الله عز وجل (حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير) (1) السام يعني الموت والذام بالذال المعجمة وتخفيف الميم هو الذم بمعنى العيب (تخريجه) (م) والبغوي وابن أبي حاتم وغيرهم (2) (سنده) حدثنا عبد الصمد حدثنا حماد عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو الخ (3) تقدم الكلام على شرحه وتفسيره في الحديث السابق (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للإمام أحمد وقال إسناده حسن ولم يخرجوه يعني أصحاب الكتب الستة اهـ، وأورده أيضًا الهيثمي وقال رواه (حم بز طب) وإسناده جيد لأنه حمادًا سمع من عطاء في حالة الصحة، وأورده أيضًا الحافظ السيوطي في الدر المنثور وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان (باب) (4) (سنده) حدثنا حسن بن موسى حدثنا زبير حدثنا سماك حدثني سعيد بن جبير أن ابن عباس حدثه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل حجرة الخ (غريبه) (5) يقلص بكسر اللام