كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

-[سبب نزول قوله تعالى (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين) وبيعة النساء]-
ابن حسل على ابنتها أسماء ابنة أبي بكر رضي الله عنهما بهدايا ضباب وأقط وسمن وهي مشركة، فأبت أن تقبل هديتها وتدخلها بيتها، فسألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين (1) - الخ الآية) فأمرها أن تقبل هديتها وأن تدخلها بيتها (باب يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك الآية) (عن أم عطية) (2) قالت لما نزلت هذه الآية (يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئًا - إلى قوله - ولا يعصينك في معروف) قالت كان (منه النياحة فقلت يا رسول الله ألا آل فلان فإنهم قد كانوا أسعدونني في الجاهلية فلا بد لي من أن أسعدهم قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا آل فلان (عن أم سلمة رضي الله عنها) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم (ولا يعصينك في معروف) (4) قال النوح
__________
باب ما جاء في قبول هدايا الكفار من كتاب الهبة والهدية في الجزء الخامس عشر صحيفة 168 رقم 27 وإنما ذكرته هنا فتسير الآية لأنها لم تفسر هناك وإليك تفسيرها (1) (التفسير) (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم) أي لا ينهاكم الله عن بر الذين لم يقاتلوكم بأن تكرموهم وتحسنوا إليهم قولًا وفعلًا (وتقسطوا إليهم) تقضوا إليهم بالقسط هو العدل ولا تظلموهم وإذا نهى عن الظلم في حق المشركة فكيف في حق المسلم (إن الله يحب المقسطين) العادلين، قال ابن عباس نزلت في خزاعة كانوا قد صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم على أن لا تقاتلوه ولا يعينوا عليه أحدًا فرخص الله في برهم، وقال عبد الله بن الزبير نزلت في أسماء بنت أبي بكر وذلك أن ابا بكر الصديق رضي الله عنه طلق امرأته قتيله أو قبيلة في الجاهلية وهي أم أسماء بنت أبي بكر فقدمت عليهم في المدة التي كانت فيها المهادنة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش بهدية لبنتها أسماء فذكر الحديث (قال القرطبي) وهذا قول أكثر المفسرين (باب) (2) (عن أم عطية الخ) أم عطية اسمها نسيبة بالتصغير ويقال بفتح أولها بنت كعب ويقال بنت الحارث: أم عطية الأنصارية صحابية مشهورة وحديثها هذا تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما لا يجوز من البكاء على الميت من كتاب الجنائز في الجزء السابع صحيفة 108 رقم 72 وإنما ذكرته هنا لمناسبة آية البيعة وهذه البيعة كانت بالمدينة عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إليها وقد عقدت لها بابا ترجمته ببيعة نساء أهل المدينة سيأتي في أبواب حوادث السنة الأولى من الهجرة من كتاب السيرة النبوية وإليك تفسير آية البيعة (التفسير) قال الله عز وجل (يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئًا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولا دهن) أراد بقتل الأولاد وأب البنات الذي كان يفعله أهل الجاهلية (ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن) ليس المراد منه نهيهن عن الزنا لأن النهي عن الزنا قد تقدم، بل المراد منه أن تلتقط مولودًا وتقول لزوجها هذا ولدي منك، كنى بالبهتان المفترى بين يديها ورجليها عن الولد الذي تلصقه بزوجها كذبًا لأن بطنها الذي تحمله فيه بين اليدين وفرجها الذي تلده به بين الرجلين (ولا يعصينك في معروف) أي في كل أمر وافق طاعة الله وفي كل نهي عن معصية الله (فبايعهن واستغفر لهن الله) عما مضى (إن الله غفور) بتحقيق ما سلف (رحيم) بتوفيق ما ائتنف (3) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا يزيد بن عبد الله مولى الصهباء عن شهر بن حوشب عن أم سلمة الخ (غريبه) (4) جاء معنى ذلك واضحًا عند الترمذي من حديث أم

الصفحة 302