كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

(عن عبد الرحمن بن عابس) (1) قال حدثنا رجل من همدان من أصحاب عبد الله (يعني ابن مسعود رضي الله عنه) وما سماه لنا قال لما أراد عبد الله أن يأتي المدينة جمع أصحابه فقال والله اني لأرجو أن يكون قد أصبح اليوم فيكم من أفضل ما أصبح في اجناد المسلمين (2) من الدين والفقه والعلم بالقرآن إن هذا القرآن أنزل على حروف (3) والله ان كان الرجلان ليختصمان أشد ما اختصما في شيء قط فإذا قال القارئ هذا أقرأني قال احسنت وإذا قال الآخر قال كلاكما محسن (4) فأقرأ أن الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة والكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار واعتبروا ذاك بقول أحدكم لصاحبه كذب وفجر وبقوله اذا صدقه صدقت وبررت (5) ان هذا القرآن لا يختلف ولا يستشن (6) ولا يتفه لكثرة الرد فمن قرأه على حرف فلا يدعه رغبة عنه ومن قرأه على شيء من تلك الحروف التي علم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يدعه رغبة عنه فإن من يجحد بآية يجحد به كله فإنما هو كقول أحدكم لصاحبه أعجل (7) وحيي هلا والله لو أعلم رجلا أعلم بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم مني لطلبته حتى أزداد علمه إلى علمي (8) إنه سيكون قوم يميتون الصلاة فصلوا الصلاة لوقتها واجعلوا صلاتكم معهم تطوعا (9) وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعارض بالقرآن في كل رمضان (10) واني عرضت في العام الذي قبض فيه مرتين
__________
له ذؤابتان والله ما أنزل من القرآن شيء إلا وأنا أعلم في أي شيء نزل وما أحد أعلم بكتاب الله مني وما أنا بخيركم ولو أعلم مكانا تبلغه الإبل فيه من هو أعلم بكتاب الله مني لأتيته قال أبو وائل فلما نزل عن المنبر جلست في الخلق فما أحد ينكر ما قال وقول أبي وائل (فما أحد ينكر ما قال) يعني من فضله وحفظه وعلمه وأما أمره بغل المصاحف وكتمانها فقد أنكره عليه غير واحد قال الاعمش عن ابراهيم عن علقمة قال قدمت الشام فلقيت أبا الدرداء فقال كنا نعد عبد الله جبانا فما باله يواثب الامراء (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده صحيح ورجاله ثقات (1) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عبد الرحمن بن عابس الخ (غريبه) (2) أي امرائهم (3) أي لغات متعددة رحمة بالناس (4) معناه أن الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يختلفون في القراءة فبعضهم يقرأ خلاف ما يقرأ الآخر فيرفعون أمرهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيقول كلاكما محسن لأنه كل واحد منهما قرأ على لغة أنزلها الله عز وجل (5) بفتح الراء الأولى وسكون الثانية اي صدقت في دعواك وصرت بارا دعاء له بذلك (6) من الشن والشنة بفتح الشين المعجمة فيهما وهي القربة الخلقة (ولا يتفه) بوزن يفرح قال في النهاية هو من الشيء التافه الحقير يقال تفه يتفه فهو تافه (7) أي أعجل بذكر القرآن وابدأ به (وحي هلا) قال في النهاية وهما كلمتان جعلتا كلمة واحدة وفيها لغات وهلا حث واستعجال (8) اي حتى أضم علمه الى علمي (9) تقدم الكلام على ذلك في باب وعيد من تهاون بالصلاة أو أخرها عن وقتها في الجزء الثاني صحيفة 228 (10) يعني كان جبريل عليه السلام يعارضه القرآن في كل رمضان مرة أي يدارسه جميع ما نزل من القرآن من المعارضة المقابلة والمعارضة مفاعلة من الجانبين كأن كلا منهما كان يقرأ والآخر يسمع والظاهر أن جبريل كان يسمع القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم ويقرئه إياه ليزداد حفظا واتقانا فلما كان العام الذي قبض فيه

الصفحة 36