كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

وخواتمه (1) وجوامعه وعلمت كم خزنة النار (2) وحملة العرش وتجوز بي وعوفيت وعوفيت أمتي (3) فاسمعوا وأطيعوا مادمت فيكم فإذا ذهب بي فعليكم بكتاب الله أحلو حلاله وحرموا حرامه (عن أبي هريرة) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من الأنبياء نبي إلا وقد أعطى من الآيات (5) ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله عز وجل إلى وأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة (عن عبد الله بن عمرو) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الصيام والقرآن يشفعان
__________
وأجمعها وهو المنهل العذب الذي يستقى الفصحاء والبلغاء والفقهاء والمحدثون منه وهو قاموس من لا قاموس له لذلك كان صلى الله عليه وسلم أفصح الناس منطقا وأعلمهم بأحكام الله أيضا فإن في القرآن مفاتيح الغيب لأنه أخبر بأمور لا يعلمها الا الله ووقعت كما أخبر فهو مفتاح كل خير (1) خواتم الكلم هو القرآن أيضا لأنه ختمت به الكتب السماوية وهو حجة على سائرها ومصدق لها (وجوامع الكلم) هي الكلمة البليغة الوجيزة الجامعة للمعاني الكثيرة وهذه صفة القرآن أيضا (قال القرطبي) وقد جاء هذا اللفظ ويراد به القرآن اهـ (قلت) وقد اكتسب صلى الله عليه وسلم كل هذه المعاني من القرآن فكان صلى الله عليه وسلم فصيحا بليغا ينطق بالكلمة الوجيزة الجامعة للمعاني الكثيرة صلى الله عليه وسلم (2) خزنة النار تسعة عشر من الملائكة الغلاظ الشداد قال تعالى (عليها تسعة عشر) وأما حملة العرش فقد قال الله عز وجل (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) أي من الملائكة ايضا (3) أي تجاوز الله عني وعن أمتي في كثير من التكاليف الشاقة التي كانت في الامم السابقة كعدم قبول التوبة إلا إذا قتل نفسه وعدم طهارة الثوب المتنجس إلا بقطع ما تنجس منه وعدم صحة الصلاة إلا في المعابد وعدم الطهارة بالتيمم والمؤاخذة بالخطأ والنسيان وغير ذلك كثير فتجاوز الله للأمة المحمدية عن ذلك كله وعفا عنها وجعل دينها سهلا سمحا ويجوز أن يكون معنى قوله (وتجوز بي) أي تجاوز الله بسببي عن أمتي وعفاها من التكاليف الشاقة وعافاني أيضا والله أعلم قال تعالى (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد بهذا اللفظ وأورده الهيثمي والمنذري وقالا رواه احمد باسناد حسن (4) (سنده) حدثنا يونس وحجاج قالا ثنا ليث قال حجاج في حديثه حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يونس عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (غريبه) (5) يعني المعجزات وخوارق العادات ما إذا شوهد لاضطر إلى التصديق به الشاهد وكان دليلا على تصديقه فيما جاءهم به نبيهم واتبعه من اتبعه من البشر ثم لما مات لم تبق معجزة بعده إلا ما يحكيه أتباعه عما شاهدوه في زمانه وأما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فإن معجزته القرآن المستمر إلى يوم القيامة مع خرق العادة في اسلوبه وبلاغته وإخباره بالمغيبات وعجز الجن والإنس أن يأتوا بسورة من مثله مجتمعين أو متفرقين في جميع الأعصار مع اعتنائهم بمعارضته فلم يقدروا وهم أفصح القرون مع غير ذلك من وجوه إعجاز المعرفة وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم وإنما كان الذي اوتيت وحيا أوحاه الله عز وجل إلي يعني القرآن (وفي قوله صلى الله عليه وسلم فأرجو أن اكون أكثرهم تابعا) علم من أعلام النبوة فإنه صلى الله عليه وسلم أخبر بهذا في زمن قلة المسلمين ثم من الله تعالى وفتح على المسلمين البلاد وبارك فيهم حتى انتهى الأمر واتسع الاسلام في المسلمين وذلك لعموم رسالته ودوامها الى قيام الساعة واستمرار معجزته صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (ق نس وغيرهم) (6) (سنده)

الصفحة 4