كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

ما لم يعلم (1) الحديث ذكر بتهامه في باب بدء الوحي من كتاب السيرة النبوية في قسم التاريخ (عن أبي سلمة) (2) قال سألت جابرا أي القرآن أنزل قبل؟ فقال يا أيها المدثر (3) فقلت أو اقرأ؟ فقال جابر أحدثكم ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جاورت بحراء (4) شهرا فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت بطن الوادي (5) فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي فلم أر أحدا ثم نوديت فظرت فلم أر أحدا ثم نوديت فرفعت رأسي فإذا هو على العرش في الهواء (6) فأخذتني رجفة (7)
__________
وعقب كل مرة يغطني ويقول اقرأ وفي الثالثة قال لي (اقرأ باسم ربك) اي لا تقرؤه بقوتك ولا بمعرفتك لكن بحول ربك واعانته فهو يعلمك كما خلقك (1) معناه انه قال (اقرأ باسم ربك الذي خلق) يعني الخلائق كلها (خلق الانسان) يعني ابن آدم (من علق) العلق جمع علقة وهي المنى ينتقل بعد طوره فيصير دما غليظا متجمدا ثم ينتقل طورا آخر فيصير لحما وهي المضعة سميت بذلك لأنها مقدار ما يمضغ (اقرأ) كرره تأكيدا ثم استأنف فقال (وربك الأكرم) أي الحليم عن جهل العباد لا يعجل عليهم بالعقوبة (الذي علم بالقلم) يعني الخط والكتابة (علم الإنسان مالم يعلم) من أنواع الهدى والبيان وقيل علم آدم الأسماء كلها وقيل الانسان هنا محمد لقوله تعالى (وعلمك مالم تكن تعلم) الحديث له بقية وسيأتي بتمامه في باب بدء الوحي من كتاب السيرة النبوية في قسم التاريخ ان شاء الله تعالى وانما ذكرت هذا الطرف منه هنا للاستدلال به على ان اول ما نزل من القرآن (اقرأ باسم ربك الذي خلق - الآيات) (تخريجه) (ق وغيرهما) قال الحافظ ابن كثير في تفسيره أول شيء نزل من القرآن هذه الآيات الكريمات وهن أول رحمة رحم الله بها العباد وأول نعمة أنعم الله بها عليهم وفيها التنبيه على ابتداء خلق الانسان من علقة وانه من كرمه تعالى أن علم الانسان مالم يعلم فشرفه وكرمه بالعلم وهو القدر الذي امتاز به ابو البرية آدم على الملائكة والعلم تارة يكون في الأذهان وتارة يكون في اللسان وتارة يكون في الكتابة بالبنان ذهني ولفظي ورسمي والرسمي يستلزمهما من غير عكس فلهذا قال (اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الانسان مالم يعلم) جل شأن الله (2) (سنده) حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي انه سمع يحيى ووكيع حدثنا علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير المعنى قال سألت أبا سلمة (يعني ابن عبد الرحمن) أي القرآن أنزل قبل؟ فقال يا أيها المدثر قال يحيى فقلت لأبي سلمة أو اقرأ؟ فقال سألت جابرا الخ (غريبه) (3) اصله التدثر أدغمت التاء في الدال أي المتلفف بثيابه عند نزول الوحي عليه (وقوله أو اقرأ) اي اقرأ باسم ربك الذي خلق (4) بكسر الحاء المهملة وتخفيف الراء وبالمد وحكى الأصيلي فتحها والقصر وعزاها في القاموس للقاضي عياض قال وهي لغة وهو مصروف أن اريد المكان وممنوع ان اريد البقعة فهي أربعة التذكير والتأنيث والمد والقصر وكذا حكم قباء وقد نظم بعضهم أحكامهما في بيت فقال (حرا وقبا وانثهما معا * ومد أو قصر واصرفن وامنع الصرفا) وحراء جبل بينه وبين مكه نحو ثلاثة اميال على يسار الذاهب الى منى (5) معناه انه نزل من الجبل حتى صار في بطن الوادي (6) جاء في الطريق الثانية فرفعت بصري قبل السماء فاذا الملك الذي جاءني بحراء الآن قاعد على كرسي بين السماء والأرض وهي مفسرة لهذه الرواية والأحاديث يفسر بعضها بعضا والملك هو جبريل عليه السلام (7) أي رعشة واضطراب يقال رجفت يده ارتعشت من مرض أو كبر

الصفحة 48