كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

شديدة فأتيت خديجة فقلت دثروني (1) فدثروني وصبوا علي ماءا فأنزل الله عز وجل (يا أيها المدثر قم فأنذر (2) وربك فكبر وثيابك فطهر) (وعنه من طريق ثان) (3) قال اخبرني جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثم فتر الوحي عني فترة (4) فبينا أنا أمشي سمعت صوتا من السماء فرفعت بصري قبل السماء فإذا الملك (5) الذي جاءني بحراء الآن قاعد على كرسي بين السماء والأرض فجششت (6) منه فرقا حتى هويت إلى الأرض فجئت أهلي فقلت زملوني زملوني زملوني فزملوني فأنزل الله عز وجل (يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر) قال أبو سلمة الرجز الأوثان ثم حمى الوحي (7) بعد وتتابع
__________
ورجفته الحمى أرعدته (1) أي لفوني بالثيات (2) أي حذر من العذاب من لم يؤمن بك (وربك فكبر) أي عظمه عما يقوله عبدة الأوثان (وثيابك فطهر) قال قتادة ومجاهد نفسك فطهر من الذنب فكنى عن النفس بالثوب وهو قول ابراهيم والضحاك والشعبي والزهري وقال عكرمة سئل ابن عباس عن قوله (وثيابك فطهر) فقال لا تلبسها على معصية ولا على غدر ثم قال أما سمعت قول غيلان بن سلمة الثقفي (واني بحمد الله لا ثوب فاجر * لبست ولا من غدرة أتقنع) والعرب تقول في وصف الرجل بالصدق والوفاء انه طاهر الثياب وتقول لمن غدر إنه لدنس الثياب (3) (سنده) حدثنا حجاج ثنا ليث ثنا عقيل عن ابن شهاب قال سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول أخبرني جابر الخ (4) أي انحبس مدة وقد اختلف في مدة فترة الوحي فقيل ثلاث سنين كما في تاريخ الامام احمد وجزم به ابن اسحاق وفي بعض الاحاديث انه قدر سنتين ونصف (قال الحافظ) وقد عارضه ما جاء عن ابن عباس ان مدة الفترة المذكورة كانت أياما والله اعلم (5) يعني جبريل عليه السلام وقد استدل بقوله (ثم فتر الوحي عني) (وقوله فإذا الملك الذي جاءني بحراء) على هذه القصة متأخرة عن قصة حراء التي نزل فيها اقرأ باسم ربك (6) بضم الجيم وكسر المثلثة الأولى وسكون الثانية أي فزعت وخفت وقيل معناه قلعت من مكاني من قوله تعالى اجتثت من فوق الأرض (7) أي جاء كثيرا (وتتابع) تأكيد معنوي ويحتمل أن يراد بحمى قوي (وتتابع) تكاثر (تخريجه) (ق وغيرهما) وقد اختلف العلماء في أول ما نزل من القرآن على أقوال (أحدها) وهو الصحيح اقرأ باسم ربك وإليه ذهب الجمهور مستدلين بحديث عائشة المذكور أول الباب وبما رواه الحاكم في المستدرك والبيهقي في الدلائل وصححاه عن عائشة قالت أول سورة نزلت من القرآن اقرأ باسم ربك وبأحاديث أخرى كثيرة وذهب جماعة إلى أن اول ما نزل من القرآن سورة يا أيها المدثر قم فأنذر واستدلوا على ذلك بحديث جابر المذكور في الباب وأجاب الأولون عن هذا الحديث أجوبة أحسنها ان السؤال كان عن نزول سورة كاملة فبين أن سورة المدثر نزلت بكمالها قبل نزول تمام سورة اقرأ فإنها أول ما نزل منها صدرها ويؤيد هذا ما في الطريق الثانية من حديث جابر حيث قال (ثم فتر الوحي عني فترة) وفيه ايضا (فإذا الملك الذي جاءني بحراء الخ) فقوله الملك الذي جاءني بحراء يدل على أن هذه القصة متأخرة عن قصة حراء التي نزل فيها اقرأ باسم ربك (واجابوا أيضا) بأن جابرا استخرج ذلك باجتهاده وليس هو من روايته فيتقدم عليه ما روته عائشة قاله الكرماني وهناك أجوبه غير ذلك لا نطيل الكلام بذكرها وقيل أول ما نزل من القرآن الفاتحة

الصفحة 49