كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

والريبة (باب معارضة جبريل والنبي صلى الله عليه وسلم للقرآن) (عن ابن عباس) (1) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض (2) الكتاب على جبريل عليه السلام في كل رمضان (3) فإذا أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليلة التي يعرض فيها ما يعرض أصبح وهو أجود من الريح المسلة (4) لا يسئل عن شيء إلا اعطاه فلما كان في الشهر الذي هلك (5) بعده عرض عليه عرضتين (6) عن مجاهد
__________
الآية) رواه (حم ك) وصححه وسيأتي في آخر تفسير سورة التوبة (وأخرج مسلم) عن ابن عباس قال آخر سورة نزلت (اذا جاء نصر الله والفتح) قال البيهقي يجمع بين هذه الاختلافات ان صحت ان كل واحد أجاب بما عنده (وقال القاضي) أبو بكر في الانتصار هذه الأقوال ليس فيها شيء مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكل ما قاله بضرب من الاجتهاد وغلبة الظن ويحتمل أيضا أن تنزل هذه الآية التي هي آخر آية تلاها الرسول صلى الله عليه وسلم مع آيات نزلت معها فيؤمر برسم ما نزل معها بعد رسم تلك فيظن أنه آخر ما نزل في الترتيب والله أعلم (تنبيه) قال الحافظ السيوطي في كتابه الاتقان في علوم القرآن بعد ذكر آثار كثيرة في آخر ما نزل من القرآن ما نصه من المشكل على ما تقدم قوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم) فإنها نزلت بعرفة عام حجة الوداع وظاهرها إكمال جميع الفرائض والأحكام قبلها وقد صرح بذلك جماعة منهم السدي فقال لم ينزل بعدها حلال ولا حرام مع أنه ورد في آية الربا والدين والكلالة أنها نزلت بعد ذلك وقد استشكل ذلك ابن جرير وقال الأولى أن يتأول على أنه أكمل لهم دينهم باقرارهم بالبلد الحرام وإجلاء المشركين عنه حتى حجه المسلمون لا يخالطهم المشركون ثم أيده بما أخرجه من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال كان المشركون والمسلمون فلما نزلت براءة نفى المشركون عن البيت وحج المسلمون لا يشاركهم في البيت الحرام أحد من المشركين فكان ذلك من تمام النعمة (وأتممت عليكم نعمتي) والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا يعلي حدثنا محمد بن اسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) بكسر الراء من العرض وهو بفتح العين وسكون الراء أي يقرأ والمراد يستعرضه ما أقرأه اياه والمعارضة مفاعلة من الجانبين كأن كلا منهما كان تارة يقرؤ والآخر يستمع (والكتاب) هو القرآن (3) يعني مرة كما يستفاد من الحديث التالي خص بذلك رمضان من بين الشهور لأن ابتداء الايحاء كان فيه ولهذا يستحب دراسة القرآن وتكراره فيه ومن ثم كثر اجتهاد الأئمة في تلاوة القرآن (4) أي المطلقة فهو من الاحتراس لأن الريح منها العقيم الضار ومنها المبشر بالخير فوصفها بالمرسلة ليعين الثاني قال تعالى (ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات) فالريح المرسلة تستمر مدة ارسالها وكذا كان عمله صلى الله عليه وسلم في رمضان ديمة لا ينقطع وفيه استعمال أفعل التفضيل في الاسناد الحقيقي والمجازي لأن الجود منه صلى الله عليه وسلم حقيقة ومن الريح مجاز فبمجموع ماذكر من رمضان ومدارسة القرآن وملاقات جبريل يتضاعف جوده لأن الوقت موسم الخيرات ونعم الله على عباده تربو فيه غيره وانما دارسه بالقرآن في كل سنة مرة لكي يتقرر عنده ويرسخ أتم رسوخ فلا ينساه وكان هذا انجاز وعده تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم حيث قال له (سنقرئك فلا تنسى) (5) اي توفي بعده يعني آخر رمضان من حياته صلى الله عليه وسلم (6) انما عرضه في هذا العام عرضتين ليبقى ما بقى ويذهب ما نسخ توكيدا واستثباتا وحفظا ولهذا اسر النبي صلى الله عليه وسلم إلى فاطمة كما في رواية للبخاري

الصفحة 55