كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

أن هذا النبي الأمي تنام عيناه ولا ينام قلبه؟ قالوا اللهم نعم قال اللهم اشهد قالوا اللهم نعم قال اللهم اشهد قالوا وانت الآن فحدثنا من وليك من الملائكة فعندها نجامعك أو نفارقك قال فإن ولي جبريل عليه السلام ولم يبعث الله نبيا قط إلا وهو وليه قالوا فعندها نفارقك لو كان وليك سواه من الملائكة لتابعناك وصدقناك قال فما يمنعكم من أن تصدقوه؟ قالوا انه عدونا قال فعند ذلك قال الله عز وجل (قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله (1) إلى قوله عز وجل كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون) (2) فعند ذلك باءوا بغضب على غضب الآية (3) (باب فأينما تولوا فثم وجه الله) (عن ابن عمر) (4) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى على راحلته مقبلا من مكة إلى المدينة حيث توجهت به (5) وفيه نزلت هذه الآية (فأينما تولوا فثم وجه الله) (6)
__________
الله على ولده اهـ (قلت) ولذلك مناسبة في شرعنا في قوله تعالى (ان تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) فهذا هو المشروع عندنا وهو الانفاق في طاعة الله مما يحبه العبد ويشتهيه كما قال تعالى (وآتى المال على حبه) وقال تعالى (ويطعمون الطعام على حبه) الآية (1) تقدم تفسير هذه الآية في شرح الطريق الأولى (ولما جاءهم رسول من عند الله) يعني محمد صلى الله عليه وسلم (مصدقا لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم) يعني التوراة وقيل القرآن (كأنهم لا يعملون) قال قتادة ان القوم كانوا يعلمون ولكنهم نبذوا عليهم وكتموه وجحدوا به (3) يريد قوله تعالى (بئسما اشتروا به أنفسهم) أي بئس الذي اختاروا لأنفسهم حين استبدلوا الباطل بالحق وقيل الاشتراء هاهنا بمعنى البيع والمعنى بئش ما باعوا به حظ أنفسهم أي اختاروا الكفر وبذلوا انفسهم للنار (أن يكفروا بما أنزل الله) يعنى القرآن (بغيا) أي حسدا (أن ينزل الله من فضله) اي النبوءة والكتاب (على من يشاء من عباده) يعني محمدا صلى الله عليه وسلم (فباءوا بغضب على غضب) أي رجعوا بغضب على غضب قال ابن عباس ومجاهد الغضب الأول بتضييعهم التوراة وتبديلهم (والثاني) بكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وقال قتادة الأول بكفرهم بعيسى والانجيل والثاني بكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن (وللكافرين) الجاحدين بنبوءة محمد صلى الله عليه وسلم من الناس كهلم (عذاب مهين) أي مخز يهانون فيه والله أعلم (تخريجه) أورده الطريق الأولى منه الحافظ ابن كثير في تفسيره وقال رواه (مذ نس) من حديث عبد الله بن الوليد العجلي به نحوه وقال الترمذي حديث حسن غريب اهـ (قلت) وأخرج الطريق الثانية ابن جرير وعبد الرحمن بن حميد في تفسيريهما والطبراني في الكبير والطيالسي (باب) (4) (سنده) حدثنا يحيى عن عبد الملك ثنا سعيد بن جبير ان ابن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) يعني صلاة التطوع (6) قال العلماء سبب نزول هذه الآية طعن اليهود في نسخ القبلة أو في صلاة النافلة على الراحلة في السفر حيثما توجهت فأنزل الله عز وجل (ولله المشرق والمغرب) أي الأرض كلها لأنها ناحيتاها (فأينما تولوا) وجوهكم في الصلاة بأمره (فثم) بفتح المثلثة وتشديد الميم أي هناك (وجه الله) أي قبلته التي رضيها (تخريجه) أورد نحوه الحافظ ابن كثير في تفسيره بسند حديث الباب عن ابن عمر أنه كان يصلي حيث توجهت به راحلته ويذكر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ويتأول هذه الرواية (فأينما تولوا فثم وجه الله) ورواه (م مذ نس) وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق عن عبد الملك ابن أبي سليمان وأصله في الصحيحين من حديث ابن عمر وعامر بن ربيعة من غير ذكر الآية وذكر

الصفحة 75