كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) (1) قال عمدت إلى عقالين (2) أحدهما اسود والآخر أبيض فجعلتهما تحت وسادتي (3) قال ثم جعلت أنظر اليهما فلا تبين لي الأسود من الأبيض ولا الأبيض من الأسود فلما أصبحت غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بالذي صنعت فقال ان وسادك اذا لعريض (4) انما ذلك بياض النهار من سواد الليل (وعنه أيضا) (5) قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة والصيام قال صل كذا وكذا (6) وصم فاذا غابت الشمس فكل واشرب حتى يتبين لك الخيط الأبيض من الخيط الأسود (7) وصم ثلاثين يوما إلا أن تر الهلال قبل ذلك (8) فأخذت خيطين من شعر أسود وأبيض فكنت أنظرفيهما فلا يتبين لي
__________
أنا عدي بن حاتم (يعني الطائي) قال لما نزلت الخ (غريبه) (1) قال أبو عبيد الخيط الأبيض الفجر الصادق والخيط الأسود الليل وفي قوله صلى الله عليه وسلم الا اتى انما هو بياض النهار وسواد الليل دليل على ان ما بعد الفجر هو من النهار لا من الليل ولا فاصل بينهما (قال النووي) وهذا مذهبنا وبه قال جماهير العلماء وحكى فيه شيء عن الأعمش وغيره لعله لا يصح عنهم اهـ (2) بكسر العين المهملة أي حبلين وفي رواية خيطين من شعر (3) جاء في بعض الروايات فجعلتهما وسادتي والوسادة المخدة وهي ما يجعل تحت الرأس عند النوم (والوساد) أعم فإنه يطلق على كل ما يتوسد به ولو كان من تراب كما جاء في النهاية والاساس (واما معنى الحديث) فالعلماء فيه شروح أحسنها كلام القاضي عياض رحمه الله تعالى قال انما أخذ العقالين وجعلهما تحت رأسه وتأول الآية لكونه سبق إلى فهمه ان المراد بها هذا وكذا وقع لغيره ممن فعل فعله حتى نزول قوله تعالى (من الفجر) فعلموا ان المراد به بياض النهار وسواد الليل وليس المراد ان هذا كان حكم الشرع أولا ثم نسخ بقوله تعالى (من الفجر) كما أشار اليه الطحاوي والداودي (قال القاضي) وانما المراد ان ذلك فعله وتأوله من لم يكن مخالطا للنبي صلى الله عليه وسلم بل هو من الاعراب لافقه عنده أو لم يكن من لغته استعمال الخيط في الليل والنهار لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ولهذا انكر النبي صلى الله عليه وسلم على عدي بقوله ان وسادك لعريض انما هو بياض النهار وسواد الليل قال وفيه ان الالفاظ المشتركة لا يصار الى العمل بأظهر وجوهها وأكثر استعمالها إلا اذا عدم البيان وكان البيان حاصلا بوجود النبي صلى الله عليه وسلم (4) جاء في بعض الروايات ان وسادك لعريض وجاء في رواية البخاري (انك لعريض القفا) قال القاضي عياض (ان وسادك لعريض) معناه ان جعلت تحت وسادك الخيطين اللذبن ارادهما الله تعالى وهما الليل والنهار فوسادك يعلوهما ويغطيهما وحينذاك يكون عريضا وهو معنى الرواية الأخرى في صحيح البخاري انك لعريض القفا لأن من يكون هذا وساده يكون عظم قفاه من نسبته بقدره وهو معنى الرواية الاخرى انك لضخم وانكر القاضي قول من قال انه كناية عن الغباوة أو عن السمن لكثرة أكله إلى بيانا الخيطين وقال بعضهم ان المراد بالوساد النوم أي ان نومك كثير وقيل اراد به الليل أي من لم يكن النهار عنده إلا اذا بان له المقالان طال ليله وكثر نومه والصواب ما اختاره القاضي والله أعلم (تخريجه) (ق د مذ نس) (5) (سنده) حدثنا يحيى عن مجالد أخبرني عامر حدثني عدي بن حاتم قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) يعني الصلوات الخمس وما يلزم لها (7) يعني فأمسك عن الطعام والشراب (8) معناه أن تر هلال شوال قبل تمام الثلاثين فأفطر فإن الشهر قد يكون تسعا