كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
__________
الوسطى وهي صلاة العصر (وقال الشوكاني) استدل بالحديث من قال إن الصلاة غير صلاة الوسطى لأن العطف يقتضي المغايرة وهو راجع إلى الخلاف الثابت في الأصول في القراءة الشاذة هل تنزل منزلة أخبار الآحاد فتكون حجة كما ذهبت إليه الحنفية وغيرهم أم لا تكون حجة لأن ناقلها لم ينقلها غلا على انها قرآن والقرآن لا يثبت إلا بالتواتر كما ذهبت إلى ذلك الشافعية والراجح الأول وقد غلط من استدل من الشافعية بحديث عائشة وحفصة على أن هذه الصلاة الوسطى ليست صلاة العصر لما عرفت من أن مذهبهم في الأصول يأبى هذا الاستدلال (وأجيب) عن الاستدلال بهذا الحديث من طرف القائلين بأنها العصر بوجهين (الأول) أن تكون الواو زائدة في ذلك على حد زيادتها في قوله تعالى (وكذلك نرى ابراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين) وقوله (وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست) وقوله (ولكن رسول الله وخاتم النبيين) وقوله (ان الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله) حكى عن الخليل أنه قال يصدون والواو مقحمة زائدة ومثله في القرآن كثير واستشهد على ذلك أيضا بشيء من أشعار العرب (والثاني) أن لا تكون زائدة وتكون من باب عطف إحدى الصفتين على الأخرى وهما لشيء واحد نحو قوله (إلى الملك القرم وابن الهمام * وليث الكتيبة في المزدحم) قال وهذا التأويل لا بد منه لوقوع هذه القراءة المحتملة في مقابلة تلك النصوص الصحيحة الصريحة وقد روى عن السائب بن يزيد أنه تلا هذه الآية (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر) وهذا التأويل المذكور يجري في حديث عائشة وحفصة ويختص حديث حفصة بما روى يزيد بن هارون عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن عمرو بن رافع قال كان مكتوبا في مصحف حفصة بنت عمر حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر ذكر ابن سيد الناس هذه الرواية والرواية السابقة عن السائب بن يزيد في شرح الترمذي اهـ (قال النووي رحمه الله) اختلف العلماء من الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم في الصلاة الوسطى المذكورة في القرآن (فقال جماعة هي العصر) وممن نقل هذا عنه على ابن أبي طالب وابن مسعود وأبو أيوب وابن عمر وابن عباس وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وعبيدة السلماني والحسن البصري وابراهيم النخعي وقتادة والضحاك والكلبي ومقاتل وأبو حنيفة وأحمد وداود وابن المنذر وغيرهم رضي الله عنهم (قال الترمذي) وهو قول أكثر العلماء من الصحابة فمن بعدهم رضي الله عنهم وقال الماوردي من أصحابنا هذا مذهب الشافعي رحمه الله لصحة الأحاديث فيه قال وانما نص على أنها الصبح لأنه لم يبلغه الأحاديث الصحيحة في العصر ومذهبه اتباع الحديث (قلت) جاء في الأحاديث الصحيحة التصريح بأنها صلاة العصر منها ما رواه مسلم والامام احمد وغيرهما وتقدم في باب فضل صلاة العصر وبيان أنها الوسطى من كتاب الصلاة في الجزء الثاني صحيفة 261 رقم 124 عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب (شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا) قال (وقالت طائفة هي الصبح) ممن نقل هذا عنه عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل وابن عباس وابن عمر وجابر وعطاء وعكرمة ومجاهد والربيع بن أنس والشافعي وجمهور أصحابه وغيرهم رضي الله عنهم (قلت) قالوا لأنها بين صلاتي جمع وهي لا تقصر ولا تجمع إلى غيرها (وذهب قوم غلى أنها صلاة الظهر) وهو قول زيد بن ثابت وأبي سعيد الخدري وأسامة ابن زيد لأنها في وسط النهار وهي أوسط صلاة النهار في الطول واحتجوا بحديث زيد بن ثابت المتقدم