كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) فلما فعلوا ذلك نسخها (1) الله تبارك وتعالى بقوله (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها (2) لها ما كسبت وعليها وما اكتسبت) فصار له ما كسبت من خير وعليه ما اكتسبت من شر فسر العلاء هذا (3) (ربنا لا تؤاخذنا (4) ان نسينا أو أخطأنا) قال نعم (ربنا ولا تحمل علينا اصرا (5) كما حملته على الذين من قبلنا (6) قال نعم (ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به (7) قال نعم (واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين (8)
__________
المرجع بالبعث (1) قال المازري رحمة الله في تسمية هذا نسخا نظر لأنه انما يكون نسخا اذا تعذر البناء ولم يكن رد احدى الآيتين إلى الأخرى وقوله تعالى (وان تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه) عموم يصح أن يشتمل على ما يملك من الخواطر دون ما لا يملك فتكون الآية الآخرى مخصصة إلا أن يكون قد فهمت الصحابة بقرينة الحال أنه تقرر تعبدهم بما لا يملك من الخواطر فيكون حينئذ نسخا لأنه رفع ثابت مستقر هذا كلام المازري (قال القاضي عياض) لا وجه لإبعاد النسخ في هذه القضية فإن راويها قد روى فيها النسخ ونص عليه لفظا ومعنى بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لهم بالايمان والسمع والطاعة لما أعلمهم الله تعالى من مؤاخذته إياهم فلما فعلوا ذلك والقى الله تعالى الايمان في قلوبهم وذلت بالاستسلام لذلك السنتهم كما نص عليه في هذا الحديث رفع الحرج عنهم ونسخ هذا التكليف وطريق علم النسخ انما هو بالخبر عنه أو بالتاريخ وهما مجتمعان في هذه الآية (قال القاضي) وقوله المازري انما يكون نسخا اذا تعذر البناء كلام صحيح فيما لم يرد فيه النص بالنسخ فإن ورد وقفنا عنده (2) الوسع اسم لما يسع الانسان ولا يضيق عليه واختلفوا في تأويله فذهب ابن عباس وعطاء وأكثر المفسرين إلى أنه أراد به حديث النفس الذي ذكر في قوله (وان تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه) وروى عن ابن عباس أنه قال هم المؤمنون خاصة وسع عليهم أمر دينهم ولم يكلفهم فيه إلا ما يستطيعون كما قال (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وقال (وما جعل عليكم في الدين من حرج) وسئل سفيان بن عيينة عن قوله عز وجل (لا يكلف الله نفسا الا وسعها) قال الا يسرها ولم يكلفها فوق طاقتها وهذا قول حسن لأن الوسع ما دون الطاقة (3) يعني أن قوله فصار له ما كسبت الخ من تفسير العلاء أحد رجال السند ومعنى فصار له ما كسبت أي صار للعبد ما كسبت نفسه من الخير الأجر والثواب وعليه ما اكتسبت من الشر الوزر والعقاب (4) أي لا تعاقبنا (ان نسينا أو أخطأنا) جعله الأكثرون من الخطأ الذي هو الجهل والسهو لأن ما كان عمدا من الذنب فغير معفو عنه بل هو في مشيئة الله والخطأ معفو عنه قال صلى الله عليه وسلم (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) (5) أي أمرا يثقل علينا حمله (6) قيل معناه لا تشددوا ولا تغلظ الأمر علينا كما شددت على من قبلنا من اليهود وذلك أن الله فرض عليهم خمسين صلاة وأمرهم بأداء ربع أموالهم في الزكاة ومن أصاب ثوبه نجاسة قطعها ومن أصاب ذنبا أصبح وذنبه مكتوب على بابه ونحوها من الاثقال والأغلال (7) أي لا تكلفنا من الاعمال ما لا نطيقه من التكاليف والبلاء (واعف عنا) أي تجاوز وامح عنا ذنوبنا (واغفر لنا) أي استر علينا ذنوبنا ولا تفضحنا (وارحمنا) فاننا لا ننال العمل إلا بطاعتك ولا نترك معصيتك إلا برحمتك (أنت مولانا) سيدنا ومتولى أمورنا وحافظنا وناصرنا (فانصرنا على القوم الكافرين) باقامة الحجة والغلبة في قتالهم فان من شأن المولى أن ينصر مواليه على الأعداء (8) زاد مسلم قال نعم (تخريجه) (م) والبغوي في تفسيره

الصفحة 96