كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)
(باب الخسف بقارون وقصة نبى الله موسى معه) (عن أبى سعيد الخدرى) (1) عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال بينا رجل يمشى بين بردين مختالا خسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها الى يوم القيامة (عن أبى هريرة) (2) قال حدثنى الصادق المصدوق خليلى أبو القاسم صلي الله عليه وسلم قال بينما رجل ممن كان قبلكم يتبختر بين بردين فغضب الله عليه فأمر الأرض فبلعته، فوا الذي نفسي بيده
__________
(باب) (1) (عن أبي سعيد الخدري الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب النهى عن الشهرة والإسبال من كتاب اللباس فى الجزء السابع عشر صحيفة 290 رقم 192 (2) (عن أبى هريرة الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه فى الباب والجزء المشار اليهما فى الحديث السابق رقم 191 وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما، وفسر العلماء قوله صلى الله عليه وسلم (بينا رجل ممن كان قبلكم) بأنه قارون الذى ذكره الله عز وجل فى كتابه بقوله (إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم) الى قوله تعالى (فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين) وجزم الكلابا ذى بأنه قارون، وكذا قال الجوهرى فى صحاحه (واليك قصته) ملخصة من تاريخ الحافظ ابن كثير (عن ابن عباس) قال كان قارون ابن عم موسى، وكذا قال ابراهيم النخعى وعبد الله بن الحارث ابن نوفل وسماك بن حرب وقتادة ومالك بن دينار وابن جريج، وزاد فقال هو قارون بن بصهر بن قاهث وموسى بن عمران بن قاهث. قال ابن جريج هذا قول أكثر أهل العلم أنه كان ابن عم موسى وَرَدّ قول ابن اسحاق أنه كان عم موسى، قال قتادة وكان يسمى النور لحسن صوته بالتوراة ولكن عدو الله نافق كما نافق السامرى فأهلكه البغى لكثرة ماله، وقال شهر بن حوشب زاد فى ثيابه شبرا طولا ترفعا على قومه، وقد ذكر الله تعالى كثرة كنوزه حتى إن مفاتحه كان يثقل حملها على الفئام (الجماعة) من الرجال الشداد، وقد قيل إنها كانت من الجلود وأنها كانت تحمل على ستين بغلا والله أعلم، وقد وعظة النصحاء من قومه قائلين لا تفرح أى لا تبطر بما أعطيت وتفخر على غيرك (ان الله لا يحب الفرحين، وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة) يقولون لتكن همتك مصروفة لتحصيل ثواب الله فى الدار الآخرة فانه خير وابقى ومع هذا (لا تنس نصيبك من الدنيا) أى وتناول منها بمالك ما أحل الله لك فتمنع لنفسك بالملاذ الطيبة الحلال (وأحسن كما أحسن الله اليك) أى وأحسن الى خلق الله كما أحسن الله خالقهم وبارءهم اليك (ولا تبغ الفساد فى الأرض) أى ولا تسئ اليهم ولا تفسد فيهم فتقابلهم ضدها أمرت فيهم فيعاقبك ويسلبك ما وهبك (ان الله لا يحب المفسدين) فما كان جوابه لهذه النصيحة الصحيحة الفصيحة إلا أن قال (انما أوتيته على علم عتدى) يعنى أنا لا أحتاج الى استعمال ما ذكرتم ولا ما اليه اشرتم، فان الله انما أعظانى هذا لعلمه انى استحقه وان أهل له، ولولا انى حبيب ألأيه وحظى عنده لما أعطانى ما اعظانى، قال الله تعالى ردا على ما ذهب اليه (او لم يعلم ان الله قد أهلك من قبله من القرون من هو اشد منه قوة واكثر جمعا، ولا يسئل عن ذنوبهم المجرمون) أى قد أهلكنا من الأمم الماضين بذنوبهم وخطاياهم من هو اشد من قارون قوة وإكثر اموالا واولادا: فلو كان ما قال صحيحا لم نعاقب احدا ممن كان اكثر مالا منه ولم يكن ماله دليلا على محبتنا له واعتنائنا به كما قال تعالى (وما أموالكم ولا أولادكم بالتى تقربكم عندنا زلفى الامن آمن وعمل صالحا) وقال تعالى (أيحسبون أنما