كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)

__________
فينا بعانة عليه ففى قتله مصلحة عظيمة تربو على بقاء مهجته صيانة لأبويه عن الوقوع فى الكفر وعقوبته دل ذلك على نبوته وأنه مؤيد من الله بعصمته، وقد رأيت الشيخ أبا الفرج بن الجوزى طرق هذا المسلك بعينه فى الاحتجاج على نبوة الخضر وصححه وحكى الاحتجاج الرمانى أيضا (الرابع) أنه فسر الخضر تأويل تلك الأفاعيل لموسى ووضع له عن حقيقة أمره، قال بعد ذلك كله (رحمة من ربك وما فعلته عن أمرى) يعنى ما فعلته من تلقاء نفسى بل امرت به وأوحى إلىّ فيه، فدلت هذه الوجوه على نبوته. ولا ينافى ذلك حصول ولايته بل ولا رسالته كما قاله آخرون (وأما كونه ملكا) من الملائكة فغريب جدا، واذا ثبت نبوته كما ذكرناه لم يبق لمن قال بولايته وأن الولى قد يطلع على حقيقة الأمور دون أرباب الشرع الظاهر مستند يستندون اليه ولا معتمد يعتمدون عليه (قال واما الخلاف فى وجوده) الى زماننا هذا فالجمهور على انه باق الى اليوم قيل لأنه دفن آدم بعد خروجهم من الطوفان فنالته دعوة ابيه آدم بطول الحياة، وقيل لأنه شرب من عين الحياة فحيي وذكروا اخبارا استشهدوا بها على بقائه الى الآن وسنوردها ان شاء الله تعالى وبه الثقة، ثم ذكر اخبارا وآثارا تدل على وجوده للآن ولكن تعقبها جميعا بأن بعضها موضوع وبعضها منقطع وبعضها واه لا تقوم به حجة، ثم قال وقد تصدى الشيخ ابو الفرج بن الجوزى رحمه الله فى كتابه عجالة المنتظر فى شرح حالة الخضر للأحاديث الواردة فى ذلك من المرفوعات تبين انها موضوعات ومن الآثار عن الصحابة والتابعين فمن بعدهم فبين ضعف اسانيدها ببيان احوالها وجهالة رجالها وقد اجاد فى ذلك وأحسن الانتقاء (قال واما الذين ذهبوا الى انه قد مات) ومنهم البخارى وابراهيم الحربى وأبو الحسين بن المنادى والشيخ ابو الفرج بن الجوزى وقد انتصر لذلك والف فيه كتابا اسماه عجالة المنتظر فى شرح حالة الخضر (يعنى الكتاب الذى أشار اليه آنفا) فيحتج لهم بأشياء كثيرة (منها) قوله تعالى (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد) فالخضر ان كان بشرا فقد دخل فى هذا العموم لا محالة، ولا يجوز تخصيصه من إلا بدليل صحيح اهو الاصل عدمه حتى يثبت، ولم يثبت ما فيه دليل على التخصيص عن معصوم يجب قبوله (ومنها) أن الله تعالى قال (واذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمن به ولتنصرنه، قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصرى؟ قالوا أقررنا، قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين) فالخضر ان كان نبيا أو وليا فقد دخل فى هذا الميثاق فلو كان حياً فى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان أشرف أحواله أن يكون بين يديه يؤمن بما أنزل الله عليه وينصره أن يصل أحد من الأعداء اليه، هذا عيسى بن مريم عليه السلام اذا نزل آخر الزمان يحكم بهذه الشريعة المطهرة لا يخرج منها ولا يحيد عنها، وهو أحد أولى العزم الخمسة المرسلين وخاتم أنبياء بنى اسرائيل والمعلوم أن الخضر لم ينقل بسند صحيح ولا حسن تسكن النفس اليه أنه اجتمع برسول الله صلى الله عليه وسلم فى يوم واحد ولم يشهد معه قتالا فى مشهد من المشاهد، وهذا يوم بدر يقول الصادق المصدوق فيما دعا به ربه عز وجل واستنصره واستفتحه على من كفره اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد بعدها فى الأرض وتلك العصابة كان تحتها سادة المسلمين يومئذ وسادة الملائكة حتى جبريل عليه السلام كما قال حسان ابن ثابت فى قصيدة له فى بيت يقال إنه أفتخر بيت قالته العرب
وثبير بدر اذ يردّ وجوههم .... جبريل تحت لوائنا ومحمد

الصفحة 110