كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)

__________
فلو كان الخضر حيا لكان وقوفه تحت هذه الراية أشرف مقاماته وأعظم غزواته، قال القاضى أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء الحنبلى سئل بعض أصحابنا عن الخضر ها مات؟ فقال نعم، قال وبلغنى مثل هذا عن أبى طاهر بن الغبارى، قال وكان يحتج بأنه لو كان حياً لجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نقله ابن الجوزى فى العجالة (ومن ذلك) ما ثبت فى الصحيحين وغيرهما (قلت والأمام احمد) عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ليلة العشاء ثم قال أرأيتم ليلتكم هذه فانه إلى مائة سنة لا يبقى ممن هو على وجه الأرض اليوم أحد، وفى رواية عين
تطرف، قال ابن عمر فوُهِل الناس فى مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه، وانما أراد انخرام قرئه، وروى الامام احمد بسنده عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بقليل أو بشهر ما من نفس منفوسة أو ما منكم من نفس اليوم منفوسة يأتى عليها مائة سنة وهى يومئذ حية (قلت ورواه الترمذى أيضا) قال الحافظ ابن كثير وهذا أيضاً على شرط مسلم، قال وقال ابن الجوزى فهذه الأحاديث الصحاح دابر دعوى حياة الخضر، قالوا فالخضر إن لم يكن أدرك زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما هو المظنون الذى يترقى فى القوة إلى القطع فلا اشكال، وان كان قد أدرك زمانه فهذا الحديث يقتضى أنه لم يعش بعده مائة سنة فيكون الآن مفقوداً لا موجودا لأنه داخل فى هذا العموم والأصل عدم المخصص حتى يثبت بدليل صحيح يجب قبوله والله اعلم اه ببعض اختصار (قلت واما نبى الله الياس) عليه السلام فلم أجد له ذكرا فى مسند الامام احمد، وقد ذكره الله عز وجل فى كابه العزيز فى قوله تعالى (وان الياس لمن المرسلين) الآيات الى قوله (أنه من عبادنا المؤمنين) قال الحافظ بن كثير فى تفسيره قال وهب بن منبه هو الياس بن نسى بن فخاص بن العيزار بن هارون بن عمران، بعثه الله تعالى فى بنى اسرائيل بعد حزقيل عليهما السلام وكانوا قد عبدوا صنما يقال له بعل فدعاهم الى الله تعالى ونهاهم عن عبادة ما سواه، وكان قد آمن به ملكهم ثم ارتد، واستمروا على ضلالتهم ولم يؤمن به منهم أحد فدعا الله عليهم فحبس عنهم القطر ثلاث سنين ثم سألوه أن يكشف ذلك عنهم ووعدوه الايمان به ان أصابهم المطر، فدعا الله تعالى لهم فجاءهم الغيث فاستمروا على أخبث ما كانوا عليه من الكفر، فسأل الله أن يقبضه اليه، وكان قد نشأ على يديه اليسع بن أخطب فأمر الياس أن يذهب الى مكان كذا وكذا فمهما جاءه فليركبه ولا يهبه فجاءته فرس من نار فركب والبسه الله تعالى النور وكساه الريش، وكان يطير مع الملائكة ملكا إنسيا سماويا، أرضيا هكذا حكاه وهب بن منبه عن أهل الكتاب والله أعلم بصحته اه (قلت) زاد البغوى فى تفسيره وسلط الله تعالى على آجب الملك وقومه عدوا لهم فقصدهم من حيث لم يشعروا به حتى رهقهم فقتل آجب وامرأته ازبيل (أى لأنها كانت من أخبث خلق الله، وهى التى حملت زوجها الملك على الردة) فلم تزل جيفتاهما ملقاتين فى المكان الذى قتل فيه حتى بليت لحومها ورّمت عظامهما (واليك تفسير ما جاء فى شأن نبى الله الياس عليه السلام من كتاب الله عز وجل): قال تعالى (وان الياس لمن المرسلين) اذا ثبت أنه رسول فهو نبى قطعا لأن الرسالة أعم من النبوة فكل رسول نبى ولا كل نبى رسول (اذ قال لقومه الا تتقون) الله وتذرون عبادة الأصنام وتخافون عقابه على عبادتكم غيره (أتدعون بعلا) أى تعبدون بعلا وهو اسم صنم لهم كانوا يعبدونه، ولذلك سميت مدينتهم بعلبك وهى غربى دمشق، قال مجاهد وعكرمة وقتادة البعل الرب بلغة أهل اليمن (وتذرون أحسن الخالقين الله ربكم ورب آبائكم الأولين) أى هو المستحق للعبادة وحده لا شريك له (فكذبوه فإنهم

الصفحة 111