كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)

__________
لمحضرون) أي العذاب يوم الحساب (الا عباد الله المخلصين) أى الموحدين منهم (وتركنا عليه فى الآخرين) أى أبقينا له من بعده ذكرا جميلا وثناءا حسنا ثم فسره بقوله (سلام على الياسين) كما يقال بنى اسماعيل اسماعين، وهى لغة بنى أسد، والمراد به الياس المتقدم ذكره، وقيل هو ومن آمن معه فجمعوا معه تغليبا كقولهم المهلب وقومه المهلبون (انا كذلك نجزى المحسنين انه من عبادنا المؤمنين (ذكر نبى الله اليسع) قال محمد بن اسحاق فيما ذكر له عن وهب بن منبه قال ثم تنبأ فيهم بعد ألياس وصيه اليسع بن أخطوب عليه السلام (قلت) وقد ذكره الله تعالى مع الأنبياء فى سورة الأنعام فى قوله تعالى (واسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين) وقال تعالى فى سورة ص (واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار) (قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر) فى حرف الياء من تاريخه أليسع وهو الأسباط بن عدى بن شوتلم بن افرائيم بن يوسف بن يعقوب بن اسحاق ابن ابراهيم الخليل، ويقال هو ابن عم ألياس النبى عليهما السلام، ويقال كان مستخفيا معه فى جبل قاسيون من ملك بعلبك ثم ذهب معه اليها فلما رفع الياس خلفه اليسع فى قومه ونبأه الله بعده، وعن الحسن قال كان بعد الياس اليسع عليهما السلام فمكث ما شاء الله ان يمكث يدعوهم الى الله مستمسكا بمنهاج الياس وشريعته حتى قبضه الله عز وجل اليه، ثم خاف فيهم الخلوف وعظمت فيهم الخطايا وكثرت الجبابرة وقتلو الأنبياء وكان فيهم ملك عنيد طاغ ويقال انه الذى تكفل له ذو الكفل ان هو تاب ورجع دخل الجنة فسمى ذا الكفل (ذكر نبى الله ذى الكفل) قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه الظاهر من ذكره فى القرآن العظيم بالثناء عليه مقرونا مع هؤلاء السادة الأنبياء (يعنى قوله تعالى واذكر اسماعيل واليسع وذا الكفل الآية) انه نبى وهذا هو المشهور، وقد زعم آخرون أنه لم يكن نبيا وانما كان رجلا صالحا وحكما مقسطا عادلا، وتوقف ابن جرير فى ذلك، روى ابن جرير وابن أبى حاتم من طريق داود بن أبى هند عن مجاهد أنه قال لما كبر اليسع قال لو أنى استخلفت رجلا على الناس يعمل فى حياتى حتى أنظر كيف يعمل، فجمع الناس فقال من يتقبل لى بثلاث أستخلفه يصوم النهار ويقوم الليل ولا يغضب؟ قال فقام رجل تزدريه العين فقال أنا، فقال أنت تصوم الليل وتقوم النهار ولا تغضب؟ قال نعم، قال فردٌهم ذلك اليوم وقال مثلها اليوم الآخر، فسكت الناس وقام ذلك الرجل فقال أنا، فاستخلفه والله أعلم (مقدمة لذكر نبى الله داود عليه السلام وقصة طالوت من كتاب الله عز وجل) قال الله عز وجل فى كتابه العزيز (الم تر الى الملأ من بنى اسرائيل من بعد موسى اذ قالوا لنبى لهم ابعث لنا ملكا نقاتل فى سبيل الله) اختلف العلماء فى ذلك النبى فقال السدى هو شمعون، وقال مجاهد هو شمويل وكذا قال محمد بن اسحاق عن وهب بن منبه، وقال سائر المفسرين هو شمويل وهو بالعبرانية اسماعيل ابن بالى بن علقمة، وقال مقاتل هو من نسل هارون، وقال الأمام البغوى فى تفسيره وقال وهب وابن اسحاق والكلبى وغيرهم كان سبب مسألتهم اياه ذلك أنه لما مات موسى عليه السلام خلف بعده فى بنى اسرائيل يوشع بن نون يقيم فيهم التوراة وأمر الله تعالى حتى قبضه الله تعالى، ثم خلف فيهم كالب ابن يوفنا كذلك حتى قبضه الله تعالى، ثم خلف حزقيل حتى قبضه الله تعالى ثم عظمت الأحداث فى بنى اسرائيل ونسوا عهد الله حتى عبدوا الأوثان فبعث الله اليهم الياس نبيا فدعاهم الى الله تعالى وكانت الأنبياء من بنى اسرائيل من بعد موسى يبعثون اليهم بتجديد ما نسوا من التوراة

الصفحة 112