كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)

.
__________
فكان موسى يضع فيه التوراة ومتاعا من متاعه، فكان عنده الى ان مات ثم تداولته أنبياء بنى اسرائيل الى وقت شمويل، وكان فيه ما ذكر الله تعالى بقوله (فيه سكينة من ربكم) اختلفوا فى السكينة ما هى؟ قال على ابن أبى طالب رضى الله عنه ربح خجوج خفاقة لهار أسان ووجه كوجه الانسان، وعن مجاهد شئ يشبه الهرة له رأس كرأس الهرة وذنب كذنب الهرة وله جناحان، وقيل له عينان لهما شعاع وجناحان من زمرد وزبرجد، فكانوا إذا سمعوا صوته تيقنوا بالنصرة، وكانوا اذا خرجوا وضعوا التابوت قدامهم، فاذا سار ساروا واذا وقف وقفوا، وعن وهب بن منبه قال هى روح من الله يتكلم اذا اختلفوا فى شئ يخبرهم ببيان ما يريدون، وقال عطاء بن أبى رباح هى ما يعرفون من الآيات فيسكنون اليها، وقال قتادة والكلبى السكينة فعلية من السكون اى طمأنينة من ربكم ففى اى مكان كان التابوت اطمأنوا اليه وسكنوا (وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون) يعنى موسى وهارون نفسهما كان فيه لوحان من التوراة ورضاض الألواح التيكسرت، وكان فيه عصا موسى ونعلاه وعمامة هارون وعصاه وقفيز من المن الذى كان ينزل على بنى اسرائيل، فكان التابوت عند بنى اسرائيل، فلما عصوا وافسدوا سلط الله عليهم العمالقة فغلبهم على التابوت واخذوه مع التوراة كما تقدم، فلما اراد الله عز وجل ان يكون طالوت ملكا جعل رد التابوت اليهم برهانا لذلك فأمر الملائكة بحمله ورده اليهم، ولذلك قال (تحمله الملائكة) قال ابن عباس جاءت الملائكة تحمل التابوت بين السماء والأرض حتى وضعته بين يدى طالوت والناس ينظرون، وقال المهدى أصبح التابوت فى دار طالوت فآمنوا بنبوة شمعون وأطاعوا طالوت (إن فى ذلك لآية) لعبرة (لكم ان كنتم مؤمنين) قال ابن عباس رضى الله عنهما ان التابوت وعصى موسى فى بحيرة طبرية وانهما يخرجان قبل يوم القيامة والله أعلم: قوله تعالى (فلما فصل طالوت بالجنود) أى خرج بهم واصل الفصل القطع يعنى قطع مستقره شاخصا الى غيره فخرج طالوت من بيت المقدس بالجنود وهم يومئذ سبعون الف مقاتل، وقيل ثمانون الفا لم يتخلف عنه إلا كبير لهرمه أو مريض لمرضه أو معذور لعذره، وذلك أنهم لما رأوا التابوت لم يشكوا فى النصر فتسارعوا إلى الجهاد، فقال طالوت لا حاجة فى كل ما أزى، لا يخرج معى رجل يبنى بناء لم يفرغ منه، ولا صاحب تجارة يشتغل بها، ولا رجل عليه دين، ولا رجل تزوج امرأة ولم يبن بها، ولا يتبعنى إلا الشاب النشيط الفارغ: فاجتمع له أربعة آلاف ممن شرطه وكان فى حر شديد، فشكوا قلة الماء بينهم وبين عدوهم فقالوا ان المياه قليلة لا تحملنا فادع الله ان يجرى لنا نهرا (قال) طالوت (ان الله مبتليكم بنهر) مختبركم يرى طاعتكم، قال ابن عباس والسدى هو نهر فلسطين، وقال قتادة نهر بين اردن وفلسطين عذب (فمن شرب منه فليس منى) أى من أهل دينى وطاعتى (ومن لم يطعمه) أى لم يشرب منه (فانه منى إلا اغترف غرفة بيده) قال ابن عباس من اغترف منه بيده روى، ومن شرب منه لم يرو (فشربوا منه إلا قليلا منهم) واختلفوا فى القليل الذين لم يشربوا وجازو معه النهار، فقال السدى كانوا أاربعة آلاف، وقال غيره ثلاثمائة وبضعة عشر وهو الصحيح، ويؤيده الحديث الآتى عن البراء بن عازب رضى الله عنه، ولم يجاوزه معه إلا مؤمن كما سيأتى فى الحديث المشار اليه، فلما وصلوا إلى النهر وقد القى الله عليهم العطش فشرب منه الكل إلا هذا العدد القليل، فمن اغترف غرفة كما أمر الله قوى قلبه وصح ايمانه وعبر النهر سالما وكفته تلك الغرفة الواحدة لشربه وجمله ودوابه، والذين شربوا وخالفوا أمر الله اسودت شفاههم وغلبهم العطش فلم يروا وبقوا على شط النهر وجنبوا عن لقاء العدو فلم يجاوزوا ولم يشهدوا الفتح، وقيل لهم جاوزوا ولكن لم يحضر القتال إلا الذين لم يشربوا

الصفحة 114