كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)

(عن أبي هريرة) (1) ان النبى صلي الله عليه وسلم سمع عبد الله بن قيس فقال لقد أعطى هذا من مزامير آل داود النبى عليه السلام (وفى لفظ) لقد أعطى أبو موسى مزامير داود (باب ما جاء فى صومه وصلاته) (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) (2) قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم أحب الصيام الى الله صيام داود، وأحب الصلاة الى الله صلاة داود (3) كان ينام نصفه ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يصوم يوما ويفطر يوما.
__________
ما جاء في الجهر بقراءة القرآن والتغنى به الخ فى الجزء الثامن عشر صحيفة 15 رقم 43 وتقدم شرحه هناك (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وعزاه للإمام احمد وقال هذا على شرط الشيخين ولم يخرجاه من هذا الوجه إه (قلت) آخرجه الشيخان من حديث أبى موسى نفسه (1) (سنده) حدثنا روح حدثنا محمد بن أبى حفصة قال حدثنا الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة الخ (تخريجه) (جه) وسنده جيد ورجاله تقات وتقدم مثله عن أبى هريرة أيضا فى الباب المشار أليه آنفا فى الجزء الثامن عشر صحيفة 15 رقم 42 وتقدم شرحه هناك (باب) (2) (سنده) حدثنا سفيان سمعت عمراً أخبرنى عمرو ابن أوس سمعه من عبد الله بن عمرو بن العاص الخ (غريبه) (3) المراد بالصيام والصلاة التطوع منهما (أما الصلاة) فقد بين كيفيتها المحبوبة بقوله (كان ينام نصفه) يعنى نصف الليل أعانة على قيام البقية المشار إليها بقوله تعالى (جعل لكم الليل لتسكنوا فيه) (ويقوم ثلثه) من أول النصف الثانى لكونه وقت التجلى وهو أعظم أوقات العبادة وافضل ساعات الليل والنهار (وينام سدسه) الأخير ليريح نفسه ويستقبل الصبح وأذكار النهار بنشاط، ولا يخفى ما فى ذلك من الأخذ بالأرفق على النفس التى يخشى سآمتها المؤدية لترك العبادة (وأما الصيام) فقد بين كيفيته المستحبة بقوله (وكان يصوم يوما ويفطر يوما) فهو أفضل من صوم الدهر لأنه أشق على النفس بمصادفة مألوفها يوما ومفارقته يوما (قال الامام الغزالى) وسره ان من صام الدهر صار الصوم له عادة فلا يحس بوقعه فى نفسه بالانكسار وفى قلبه بالصفاء وفى شهواته بالضعف، فان النفس انما تتأثر بما يرد عليها لا بما تمرنت عليه، ألا ترى أن الأطباء نهوا عن اعتياد شرب الدواء وقالوا من تعوده لم ينتفع به اذا مرض لالف مزاجه له فلا يتأثر به، وطب القلوب قريب من طب الأبدان أه (تخريجه) (ق دنس جه) وفى هذا الحديث دلالة على فضل داود عليه السلام (ومما ورد فى فضله) ما ذكر الله عز وجل فى كتابه بقوله (واذكر عبدنا داود ذا الأيد) قال ابن عباس أى القوة فى العبادة، وقال مجاهد الايدى القوة فى الطاعة، وقال قتادة أعطى داود عليه السلام قوة فى العبادة وفقها فى الاسلام، وقد ذكر لنا انه عليه السلام كان يقوم ثلث الليل ويصوم نصف الدهر (قلت) يعنى حديث الباب (إنه أوّاب) أى رجاع الى الله عز وجل بالتوبة عن كل ما يكره، قال ابن عباس مطيع، وقال سعيد بن جبير مسبح بلغة الحبش (إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشىِّ والاشراق) أى إنه تعالى سخر الجبال تسبح معه عند اشراق الشمس وآخر النهار كما قال عز وجل (يا جبال أوبى معه والطير) وكذلك كانت الطير تسبح بتسبيحه وترجع بترجيعه أذا مر به الطير وهو سابح فى الهواء تسمعه وهو يترنم بقراءة الزبور لا يستطيع الذهاب، بل يقف فى الهواء ويسبح معه وتجيبه الجبال الشامخات ترجع معه وتسبح تبعا له (والطير محشورة) أى وسخرنا له الطير محبوسة فى الهواء مجموعة أليه تسبح معه (كل له أوَّب) مطيع رجاع إلى طاعته بالتسبيح، وقيل أوَّب معه أى مسبح (وشددنا ملكه) أى جعلنا له ملكا كاملا من جميع ما يحتاج

الصفحة 117