كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)

__________
إليه الملوك، قال أبن أبى نجيح عن مجاهد كان أشد أهل الدنيا سلطانا، وقال السدى كان يحرسه كل يوم أربعة آلاف، وقال بعض السلف ان كان يحرسه فى كل ليلة ثلاثة وثلاثون ألفا لا تدور عليهم النوبة فى مثلها من العام المقابل، وقد ذكر ابن جرير وأبن أبى حاتم من رواية علياء بن أحمر عن عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما ان نفرين من بنى اسرائيل استعدى أحمدهما على الآخر الى داود عليه الصلاة والسلام انه أغتصبه بقرا فأنكر الآخر ولم يكن للمدعى بينة فأرجأ أمرهما حتى ينظر فيه، فأوحى الله داود فى منامه ان يتقل الذى أستعدى عليه، فقال هذه رؤيا ولست أعجل حتى أتثبت، فأوحى اليه مرة أخرى فلم يفعل فأوحى الله أليه الثالثة ان يقتله أو تأتيه العقوبة، فأرسل داود أليه فقال له أن الله أوحى الىِّ أن أقتلك. فقال تقتلنى بغير بينة، فقال داود نعم والله لانفذن أمر الله فيك، فلما عرف الرجل أنه قاتله قال له لا تعجل حتى أخبرك، انى والله ما أخذت بهذا الذنب، ولكنى كنت اغتلت والد هذا فقتلته فلذلك أخذت، فأمر به داود فقتل فاشتدت هيبة بنى اسرائيل عند ذلك لداود واشتد به ملكه، فذلك قول الله عز وجل (وشددنا ملكه وأتيناه الحكمة) يعنى النبوة والإصابة فى الأمور، وقال مجاهد يعنى الفهم والعقل (وفصل الخطاب) قال شريح القاضى والشعبى فصل الخطاب الشهود والأيمان، وقال قتادة شاهدان على المدعى أو يمين المدعى عليه هو فصل الخطاب الذى به الانبياء والرسل، أو قال المؤمنون والصالحون، وهو قضاء هذه الأمة الى يوم القيامة (روى ابن أبى حاتم) بسنده عن أبى موسى رضى الله عنه قال أول من قال (أما بعد) داود عليه السلام وهو فصل الخطاب، وكذا قال الشعبى فصل الخطاب أما بعد (قلت) يعنى قول الانسان بعد حمد الله والثناء عليه (أما بعد) اذا أراد الشروع فى كلام آخر والله أعلم (باب ما جاء فى فتنة داود عليه السلام) ذكر بعض المفسرين واصحاب السير عن الاسرائيليات قصة منسوبة الى داود عليه السلام لا أساس لها من الصحة، ولم يثبت فيها عن المعصوم حديث يجب أتباعه لأنها تخل بشرف النبوة، ولا يصح وقوعها من المتسمين بالصلاح فضلا عن بعض أعلام الأنبياء وهو داود عليه السلام الذى أثنى الله عليه فى كتابه ثناءا جميلا، وتقدم بعض ذلك، قالوا ان داود نظر الى امرأة أو ريا فأعجبته فأرسله الى الغزو مرة بعد مرة ليقتل الرجل ويتزوج أمرأته، وفعلا قتل الرجل فى الغزو فتزوج امرأته فهذا كذب واختلاف على الأنبياء، على أن قصته قد جاءت فى كتاب الله عز وجل فى قوله تعالى (وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب: أذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف، خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط وأهدنا الى سواء الصراط: ان هذا أخى له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة فقال أكفلينها وعزنى فى الخطاب: قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك الى نعاجه، وأن كثيرا من الخلطاء ليبقى بعضهم على بعض ألا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم، وظن داود إنما فتناه فأستغفر ربه وخرّ راكعا وأناب، فغفرنا له ذلك وأن له عندنا لزلفى وحسن مآب) فما جاء فى كتاب الله عز وجل يشير الى أن داود عليه السلام طلب الى زوج المرأة أن ينزل له عنها، ويروى أن أهل زمانه كان يسأل بعضهم بعضا أن يتنازل له عن امرأته فيتزوجها أذا أعجبته، وكان لهم عادة فى المواساة بذلك وكان الأنصار فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم يواسون المهاجرين بمثل ذلك، فاتفق أن داود وقعت عينه على امرأة أوريا فاعجبته فسأله النزول له عنها فأستحى أن يرده ففعل فتزوجها داود، وقيل خطبها أوريا ثم غاب عنها فخطبها داود بعد أن طالت غيبة أوريا فآثره أهلها، فكانت زلته ان خطب امرأة مخطوبة لغيره على أنه لم يخطبها إلا بعد أن طالت غيبة أوريا، واختيار أهلها لداود لما له من الشرف والمكانة، وقد فهم

الصفحة 118