كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)
(باب ذكر وفاته وكيفيتها ومدة عمره (1) عليه السلام) (عن أبى هريرة) (2) أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال كان داود النبي فيه غيرة شديدة، وكان اذا خرج أغلقت الأبواب فلم يدخل على أهله أحد حتى يرجع، قال فخرج ذات يوم وغلقت الدار فأقبلت امرأته تطلع الى الدار فاذا رجل قائم وسط الدار، فقالت لمن فى البيت من أين دخل هذا الرجل الدار والدار مغلقة؟ والله لتفتضحن فجاء داود فاذا الرجل قائم وسط الدار، فقال له داود من أنت؟ قال أنا الذى لا أهاب الملوك ولا يمتنع منى شئ، فقال داود أنت والله ملك الموت فمرحبا بأمر الله، فرُمل (3) داود مكانه حيث قبضت روحه حتى فرغ من شأنه وطلعت عليه الشمس، فقال سليمان للطير أظلى على داود، فأظلت عليه الطير حتى أظلمت عليهما الأرض، فقال لها سليمان اقبضى جناحا جناحا، قال أبو هريرة، يرينا رسول الله صلي الله عليه وسلم كيف فعلت الطير وقبض رسول الله صلي الله عليه وسلم بيده، وغلبت عليه يومئذ المطر حيه (4)
__________
داود من قصة الرجلين المتخاصمين أنه هو المقصود بذلك، وفطن الى حقيقة الحال فاستغفر ربه وخر راكعا وجاهد نفسه راغبا الى الله عز وجل فى العفو والصفح والغفران، فتاب الله عليه وغفر زلته وبقى له منزلة الأنبياء المكرمين حيث قال عز من قائل (فغفرنا له ذلك وان له عندنا لزلفى وحسن مآب) أى وان له يوم القيامة لقربة يقربه الله عز وجل بها وحسن مرجع، وهو الدرجات العالية فى الجنة لنبوته وعدله التام فى ملكه، وما كان يدور يخلد نبى الله داود أن ذلك الأمر يستوجب اللوم والعقاب ولكن الله حاسبه فألزمه الحجة على علو كعبه وعظم منزلته حتى يوقن الناس ان الله عز وجل لا يترك صغيرة ولا كبيرة ألا أحصاها، وأنه يؤاخذ الناس جميعا بأعمالهم سواء فى ذلك زعامتهم وأنبياؤهم فلا يدع مؤاخذة نبى لنبوته ولا يغفل عن حق مظلوم أقعده ضعفه عن بسط ظلامته نسأله تعالى التوفيق الى أقوم طريق (باب) (1) تقدم فى باب أول من جحد آدم من كتاب الخلق فى هذا الجزء صحيفة 29 رقم 94 أنه لما استخرج الله ذرية آدم من ظهره فرآى آدم فيهم الأنبياء عليهم السلام ورأى فيهم رجلا يزهر فقال اى رب من هذا؟ فقال هذا؟ فقال هذا ابنك داود، قال أى رب كم عمره؟ قال ستون عاما، قال أى رب زد فى عمره قال لا: إلا أن أزيد من عمرك، وكان عمر آدم ألف عام فزاده أربعين عاما، فلما إنقضى عمر آدم جاءه ملك الموت فقال بقى من عمرى أربعون سنة ونسى آدم ما كان وهبه لولده داود، فأتمها الله لآدم ألف سنة ولداود مائة سنة (2) (سنده) حدثنا قتيبة حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد يعنى القارى عن عمرو بن أبى عمرو عن المطلب عن أبى هريرة الخ (غريبه) (3) جاء فى رواية أخرى للامام أحمد ثم مكث حتى قبضت روحه، والظاهر أن معنى قوله رمل أى دفن والله أعلم (4) بالضاد المعجمة وجاء فى الأصل بالصاد المهملة وهو خطأ من الناسخ (قال الحافظ ابن كثير) فى تاريخه ومعنى قوله (وغلبت عليه يومئذ المضر حية) أى وغلبت على التظليل عليه الصقور الطوال الأجنحة وأحدها مضر حيّ، قال الجوهرى وهو الصقر الطويل الجناح (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وعزاه للامام احمد فقط وقال انفرد باخراجه الامام أحمد واسناده جيد قوى ورجاله ثقات، قال وقال ابن جرير وقد زعم بعض أهل الكتاب أن عمر داود كان سبعا وسبعين سنه (قلت) هذا غلط مردود عليهم، قالوا وكان مدة ملكه أربعين سنة وهذا قد يقبل نقله لأنه ليس عندنا ما ينافيه ولا ما يقتضيه، وقال السعدى