كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)

(باب ذكر نبى الله سليمان وعظم ملكه) (عن عبد الله بن عمرو) (1) قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول ان سليمان بن داود عليه السلام سأل الله ثلاثا فأعطاه اثنتين، ونحن نرجو أن تكون له الثالثة (2) فسأله حكما يصادف حكمه (3) فأعطاه إياه، وسأله ملكا لا ينبغى لأحد من بعده (4) فأعطاه إياه.
__________
عن أبي مالك عن أبن عباس قال مات داود عليه السلام فجأة وكان بسبت (يعنى يوم السبت) وكانت الطير تظله، وقال اسحاق بن بشر عن سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن الحسن قال مات داود عليه السلام وهو ابن مائة سنة، وقال أبو السكن الهجرى مات ابراهيم الخليل فجأة وداود فجأة وابنه سليمان فجأة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين (باب ذكر نبى الله سليمان بن داود عليهما السلام ونسبه) قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه قال الحافظ ابن عساكر هو سليمان بن داود بن ايشا بن عويد بن عابر أبن سلمون بن نحشون بن عمينا داب بن أرم بن حصرون بن فارص بن يهوذا بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم أبى الربيع نبى الله بن نبى الله، (جاء فى بعض الآثار) أنه دخل دمشق، قال ابن ماكولا فارص بالصاد المهملة وذكر نسبه قريبا مما ذكره ابن عساكر قال الله تعالى (وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شئ ان هذا لهو الفضل المبين) أى ورثه فى النبوة والملك، وليس المراد ورثه فى المال، لأنه قد كان له بنون غيره فما كان ليخص بالمال دونهم، ولأنه قد ثبت فى الصحاح من غير وجه عن جماعة من الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا فهو صدقة (وفى لفظ) (نحن معاشر الأنبياء لا نورث) فأخبر الصادق المصدوق أن الأنبياء لا تورث أموالهم عنهم كما يورث غيرهم، بل تكون أموالهم صدقة من بعدهم على الفقراء والمحاويج لا يخصون بها أقرباءهم، لأن الدنيا كانت أهون عليهم واحقر عندهم من ذلك، كما هى عند الذى أرسلهم وفضلهم واصطفاهم (وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير الآية) يعنى انه عليكم السلام كان يعرف لغة الطير وتخاطبه بلغاتها ويعبر للناس عن مقاصدها وارادتها، وكذلك ما عداها من الحيوانات وسائر صنوف المخلوقات، والدليل على هذا قوله بعد هذا من الآيات (وأوتينا من كل شئ) أى من كل ما يحتاج الملك أليه من العدد والآلات والجنود والجيوش والجماعات من الجن والانس والطيور والوحوش والشياطين السسارحات والعلوم والفهوم والتعبير عن ضمائر المخلوقات من الناطقات والصامتات ثم قال (لن هذا لهو الفضل المبين) أى من بارئ البريات وخالق الارض والسموات، وهو الذى جدد بناء بيت المقدس، وأول من جعله مسجدا يعقوب أبن اسحاق بن ابراهيم الخليل كما تقدم ذلك فى آخر باب ذكر نبى الله اسحاق ثم يعقوب ثم جدده سليمان بناه بناء محكما بأمر الله عز وجل، وكان سؤاله الملك الذى لا ينبغى لأحد من بعده بعد إكماله لبيت المقدس كما يشير الى ذلك الحديث الآتى (1) (سنده) حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا ابراهيم بن محمد أبو اسحاق الفزارى حدثنا الاوزاعى حدثنى وبيعة بن يزيد عن عبد الله بن الديلى عن عبد الله بن عمرو (يعنى ابن العاص) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) جاء فى رواية أخرى بلفظ إن سليمان لما بنى بيت المقدس سأل ربه عز وجل خلالا ثلاثا الخ (3) يعنى حكم الله عز وجل (فأعطاه إياه) وستأتى القصة فى ذلك فى الباب التالى (4) ذكر الحافظ ابن كثير فى تفسير قوله تعالى حكاية عن سليمان (قال رب اغفر لى وهب لى

الصفحة 120