كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)

يقاتل في سبيل الله، قال ونسى أن يقول إن شاء الله، فأطاف بهن قال فلم تلد منهن إلا واحد نصف انسان (1) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو قال إن شاء الله لم يحنث (2) وكان دركا لحاجته وفى لفظ لو أنه كان قال ان شاء الله لو لدت كل امرأة منهن غلاما يضرب بالسيف فى سبيل الله عز وجل
__________
حدثنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبى هريرة الخ (غريبه) (1) الظاهر والله أعلم انه ضعيف لا يصلح ولا يغنى شيئا (2) أى لم يؤاخذ وكان دركا لحاجته أى ولدت كل امرأة منهن غلاما يضرب بالسيف فى سبيل الله كما فى الرواية الأخرى (تخريجه) (ق. وغيرهما) وقد كان له عليه السلام من أمور الملك وكثرة الجنود وتنوعها ما لم يكن لأحد قبله ولا يعطيه الله أحدا من بعده كما قال (وأوتينا من كل شئ وقال (رب اغفر لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى أنك أنت الوهاب) وقد أعطاه الله ذلك بنص الصادق المصدوق، ولما ذكر تعالى ما انعم به عليه واسداه من النعم الكاملة العظيمة اليه قال (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب) أى أعط فيمن شئت وأحرم من شئت فلا حساب عليك، أى تصرف فى المال كيف شئت فان الله قد سوغ لك كل ما تفعله من ذلك ولا يحاسبك على ذلك، وهذا شأن النبى الملك بخلاف العبد الرسول فان من شأنه لا يعطى أحدا ولا يمنع احدا إلا باذن الله له فى ذلك، وقد خير نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بين هذين المقامين فاختار ان يكون عبدا رسولا، وفى بعض الروايات انه استشار جبريل فى ذلك فأشار أليه ان تواضع فاختار ان يكون عبدا رسولا صلوات الله وسلامه عليه: وقد جعل الله الخلافة والملك من بعده فى أمته الى يوم القيامة فلا تزال طائفة من أمته ظاهرين حتى تقوم الساعة والله الحمد والمنة: ولما ذكر تعالى ما وهبه لنبيه سليمان عليه السلام من خير الدنيا نبه على ما أعده له فى الآخرة من الثواب الجزيل والأجر الجميل والقربة التى تقربه أليه والفوز العظيم والاكرام بين يديه وذلك يوم المعاد والحساب حيث يقول تعالى (وان له عندنا لزلفى وحسن مآب)
(باب ذكر وفاته عليه السلام)
ذكر الامام البغوى فى تفسيره عند قوله تعالى (فلما قضينا عليه الموت) قال أى على سليمان وقال أهل العلم كان سليمان عليه السلام يتحرر أى يتعبد كثيرا حتى يدخل على نفسه المشقة والتعب فى بيت المقدس السنة والسنتين والشهر والشهرين وأقل من ذلك واكثر، يدخل فيه طعامه وشرابه فأدخل فى المرة التى مات فيها وكان بدء ذلك انه كان لا يصبح يوما إلا نبقت فى محراب بيت المقدس شجرة فيسألها ما اسمك؟ فتقول اسمىى كذا، فيقول لأى شئ أنت؟ فتقول لكذا وكذا، فيأمر بها فتقطع، فان كانت نبتت لغرس غرسها، وان كانت لدواه كتب حتى نبتت الخوربة فقال لها ما أنت؟ قالت الخروبة، قال لأى شئ نبتّ؟ قالت لخراب مسجدك، فقال سليمان ما كان الله ليخربه وأنا حى، أنت التى على وجهك هلاكى وخراب بيت المقدس، فنزعها وغرسها فى حائط له، ثم قال اللهم عمّ على الجن موتى حتى يعلم الانس ان الجن لا يعلمون الغيب، وكانت الجن تخبر الانس انهم يعلمون من الغيب أشياء ويعلمون ما فى غد، ثم دخل المحراب فقام يصلى متكئا على عصاه فمات قائما، وكان للمحراب كرسى بين يديه وخلفه وكانت الجن يعملون تلك الأعمال الشاقة التى كانوا يعملون فى حياته وينظرون اليه يحسبون انه حى ولا ينكرون احتباسه عن الخروج إلى الناس لطول صلاته قبل ذلك، فمكثوا يدأبون له بعد موته حولا كاملا حتى أكلت الأرضة عصا سليمان

الصفحة 124