كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)
(باب قصة العزيز وما جاء فى ذلك) (عن أبى هريرة) (1) قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم نزل نبى من الانبياء تحت شجرة فلدغته نملة فامر بجهازه فأخرج من تحتها ثم أمر بها فأحرقت بالنار فاوحى الله عز وجل اليه فقتلاّ نملة واحدة
__________
فخر ميتا فعلموا بموته، قال ابن عباس فشكرت الجن الأرضة فهم يأتونها بالماء والطين فى جوف الخشب فذلك قوله تعالى (ما دلهّم على موته إلا دابة الأرض) وهى الأرضة التى (تأكل مِنْسَأتَه) يعنى عصاه وأصلها من نسأت الغنم أي زجرتها وسقتها، ومنه نسأ الله فى أجله أى أخره (فلما خر) أى سقط على الأرض (تبينت الجن) أى علمت الجن وأيقنت (ان لو كانوا يعملون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين) أى فى التعب والشقاء مسخرين لسليمان وهو ميت يظنونه حيا، أراد الله بذلك أن يعلم الجن أنهم لا يعلمون الغيب لأنهم كانوا يظنون أنهم يعملون الغيب لغلبة الجهل عليهم، وذكر الأزهرى ان معناه تبينت الجن أى ظهرت وانكشفت الجن للانس أى ظهر أمرهم أنهم لا يعلمون الغيب، لأنهم كانوا قد شبهوا على الانس ذلك، وذكر أهل التاريخ ان سليمان كان عمره ثلاثا وخمسين سنة، ومدة ملكه أربعون سنة، وملك يوم ملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وابتدأ فى بناء بيت المقدس لاربع سنين مضين من ملكه والله أعلم (باب) (1) (عن أبى هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب النهى عن تحريق كل ذى روح بالنار فى الجزء السادس عشر صحيفة 30 رقم 95: وأورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وقال رواه الجماعة سوى الترمذى من حديث يونس بن يزيد عن الزهرى عن سعيد وأبى سلمة عن أبى هريرة، وكذلك رواه شعيب عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة فذكره بلفظة كما هنا ثم قال فى آخره فروى اسحاق بن بشر عن ابن جريح عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه انه عزير، وكذا روى عن ابن عباس والحسن البصرى أنه عزير فالله أعلم اه (قلت) لهذا ذكرته تحت هذا العنوان توطئه لذكر قصته وقد ذكره الله عز وجل فى كتابه العزيز فقال (وقالت اليهود عزير بن الله وقالت النصارى المسيح بن الله) هذا إغراء من الله تعالى للمؤمنين على قتال الكفار من اليهود والنصارى لمقالتهم هذه المقالة الشنيعة والفرية على الله تعالى: قال الامام البغوى رحمه الله فى تفسيره روى سعيد ابن جبير وعكرمة عن ابن عباس قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعةُ من اليهود سلام بن مشكم والنعمان أبن أوفى وشماس بن قيس ومالك بن الصيف كيف نتبعك وقد تركت قبلتنا وأنت لا تزعم ان عزيرا ابن الله؟ فأنزل الله عز وجل (وقالت اليهود عزير بن الله) وقال عبيد بن عمير انما قال هذه المقالة رجل واحد من اليهود اسمه فنحاص ابن عازوراد وهو الذى قال ان الله فقير ونحن أغنياء، وروى عطية العوفى عن ابن عباس رضى الله عنهما قال انما قالت اليهود عزير بن الله من أجل أن عزيرا كان فيهم وكانت التوراة عندهم والتابوت فيهم فأضاعوا التوراة وعملوا بغير الحق فرفع الله عنهم التابوت وأنساهم التوراة ونسخها من صدورهم فدعا الله عزير وابتهل اليه ان يرد اليه الذى نسخ من صدورهم فبينما هو يصلى مبتهلا الى الله تعالى نزل النور من السماء فدخل جوفه فعادت اليه التوراة فأّذن فى قومه وقال يا قوم ان الله تعالى قد آتانى التوراة وردّها الىّ فعلق به الناس يعلمهم فمكثوا ما شاء الله تعالى، ثم ان التابوت نزل بعد ذهابه منهم، فلما رأو التابوت عرضوا ما كان فيه على الذى كان يعلمهم عزير فوجدوه مثله، فقالوا ما أوتى عزير هذا إلا إنه ابن الله (وقال الكلبى) ان بختنصر لما ظهر على بني إسرائيل وقتل