كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)

__________
من قتل من قراء التوراة وكان عزير إذ ذاك صغيرا فاستصغره فلم يقتله. فلما رجع بنو اسرائيل إلى بيت المقدس وليس فيهم من يقرء التوراة بعث الله عزيرا ليجدد لهم التوراة وتكون لهم آية بعدما أمانه مائة عام (ستأتى قصة موته مائة عام بعد هذا) يقال أتاه ملك باناء فيه ماء فسقاه قمثلت التوراة فى صدره فلما أتاهم قال أنا عزير فكذبوه وقالوا ان كنت كما تزعم فأمل علينا التوراة فكتبها لهم، ثم ان رجلا قال ان أبى حدثنى عن جدى ان التوراة جعلت فى خابية ودفنت فى كرم فانطلقوا معه حتى اخرجوها فعارضوها بما كتب لهم عزير فلم يجدوه غادر منها حرفا، فقالوا ان الله لم يقذف التوراة فى قلب رجل الا أنه ابنه فعند ذلك قالت اليهود عزير بن الله (وأما النصارى) فقالوا المسيح بن الله، وكان السبب فيه أنهم كانوا على دين الاسلام إحدى وثمانين سنة بعد ما رفع عيسى عليه السلام يصلون الى القبلة ويصومون رمضان حتى وقع فيما بينهم وبين اليهود حرب وكان فى اليهود رجل شجاع يقال له بولص قتل جملة من أصحاب عيسى عليه السلام، ثم قال لليهود ان كان الحق مع عيسى فقد كفرنا به والنار مصيرنا فنحن مغبونون أن دخلوا الجنة ودخلنا النار، فأتى أحتال وأضلهم حتى يدخلوا النار، وكان له فرس يقال له العقاب يقاتل عليه فعرقب فرسه وأظهر الندامة ووضع على رأسه التراب، فقال له النصارى من أنت قال بولص عدركم نوديت من السماء ليس لك توبه إلا أن تنتصر وقد تبت، فأدخلوه الكنيسة ودخل بيتا سنة لا يخرج منه ليلا ولا نهارا حتى تعلم الإنجيل ثم خرج وقال نوديت أن الله قبل توبتك فصدقوه وأحبوه، ثم مضى الى بيت المقدس واستخلف عليهم نسطورا وعلمه أن عيسى ومريم والإله له كانوا ثلاثة ثم توجه إلى الروم وعلمهم اللاهوت والناسوت، وقال لم يكن عيسى بإنس ولا يجسم ولكنه إبن الله، وعلمّ ذلك رجلا يقال له يعقوب، ثم دعا رجلا يقال له ملكان فقال له إن الإله لم يزل ولا يزال عيسى، فلما استمكن منهم دعا هؤلاء الثلاثة واحدا واحداً وقال لكل واحد منهم أنت خالصتى وقد رأيت عيسى فى المنام فرضى عنى، وقال لكل واحد منهم انى غدا أذبح نفسى فادع الناس الى نحلتك، ثم دخل المذبح فذبح نفسه وقال أنما أفعل ذلك لمرضاة عيسى، فلما كان يوم ثالثة دعا كل واحد منهم الناس إلى نحلته فتبع كل واحد طائفة من الناس فاختلفوا واقتتلوا فقال الله عز وجل (وقالت النصارى المسيح) يعنى عيسى (أبن الله ذلك قولهم بأفواههم) لا مستند لهم عليه بل (يضاهئون) يشابهون به (قول الذين كفروا من قبل) من آبائهم تقليدا لهم (قاتلهم) أى لعنهم (الله أنى) كيف (يؤفكون) يصرفون عن الحق مع قيام الدليل (باب قصة موت العزير مائة عام ثم احيائه) قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه: المشهور أن عزيرا نبى من أنبياء بنى اسرائيل وأنه كان فيما بين داود وسليمان وزكريا ويحي وأنه لما لم يبق فى بنى اسرائيل من يحفظ التوراة ألهمه الله حفظها فسردها على بنى اسرائيل، وقال اسحاق بن بشر عن سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن الحسن عن عبد الله بن سلام ان عزيرا هو العبد الذى أماته الله مائة عام ثم بعثه اه (قلت) قصة العبد الذى أماته الله مائة عام ثم بعثه جاءت فى كتاب الله عز وجل وأليك ما جاء فى ذلك (قال الله تعالى) فى سورة البقرة (أو كالذى مر على قرية) معناه أوّ رأيت كالذى مر على قرية على بيت المقدس راكبا على حمار ومعه سلة تين وقدح عصير وهو عزير (وهى خاوية) ساقطة (على عروشها) سقوفها لما خر بها بختنصر (قال أنىَّ) كيف (يحي هذه الله بعد موتها) فلم يشك أن الله يحيها ولكن قالها تعجبا واستعظاما لقدوته تعالى (فأماته الله) وألبثه (مائة عام ثم بعثه) أحياه لبريه كيفية ذلك، وكان فى مدة موته في بني

الصفحة 126