كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)

بهن وأن يأمر بنى اسرائيل أن يعملوا بهن فكاد أن يبطئ، فقال له عيسى إنك قد أمرت بخمس كلمات أن تعمل بهن وأن تأمر بنى اسرائيل أن يعملوا بهن، فأمَّا أن تبلغهن وإمِّا أبلغهن، فقال له يا أخى أنى أخشى إن سبقتنى أن أعذب أو يخسف بى، قال فجمع يحي بنى أسرائيل فى بيت المقدس حّى امتلأ المسجد وقعد على الشرف فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الله عز وجل أمرنى بخمس كلمات أن أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهن، أو لهن أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، فان مثل ذلك متل رجل أشترى عبدا من خالص ماله بورق أو ذهب فجعل يعمل ويؤدى عمله الى غير سيده فأيكم يسره أن يكون عبده كذلك؟ وإن ربكم عز وجل خلقكم ورزقكم فاعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وآمركم بالصلاة فان الله عز وجل ينصب وجهه بوجه عبده ما لم يلتفت، فاذا صليتم فلا تلتفتوا، وآمركم بالصيام فان مثل ذلك كمثل رجل معه صرة من مسك فى عصابة كلهم يجد ريح المسك وان خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وآمركم بالصدقة فان مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو فشدوا يديه الى عنقه وقربوه ليضربوا عنقه فقال هل لكم أن أفتدى نفسى منكم؟ فجعل يفتدى نفسه منهم بالقليل والكثير حتى فك نفسه، وآمركم بذكر الله كثيرا وإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا فى أثره فأتى حصنا حصينا فتحصن فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان فى ذكر الله عز وجل، قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا آمركم بخمس: الله أمرنى بهن، بالجماعة والسمع والطاعة، والهجرة والجهاد فى سبيل الله، فأنه من خرج من الجماعة قِيد شبر فقد خلع ربقة الاسلام من عنقه الى أن يرجع، ومن دعا بدعوة الجاهلية فهو من حثاه جهنم، قالوا يا رسول الله وإن صام وصلى؟ قال وأن صام وصلى وزعم أنه مسلم، فادعوا المسلمين بما سماهم
__________
بسنده وشرحه وتخريجه فى باب الخماسيات المبدوءة بعدد من قسم الترغيب صحيفة 197 رقم 79 فارجع اليه (باب ما جاء فى نبى الله زكريا وابنه يحي ومريم ابنة عمران وأمها حنة من كتاب الله عز وجل) قال الله عز وجل فى كتابه العزيز (ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران وعلى العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) قال الحافظ أبن كثير فى تفسيره يخبر تعالى أنه اختار هذه البيوت على سائر أهل الأرض فاصطفى آدم عليه السلام، خلقه بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته وعلمه أسماء كل شئ وأسكنه الجنة ثم أهبطه منها لما له فى ذلك من الحكمة، واصطفى نوحا عليه السلام وجعله أول رسول بعثه الى أهل الأرض لما عبد الناس الأوثان وأشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وانتقم له لما طالت مدته بين ظهرانى قومه يدعوهم الى الله ليلا ونهارا سراً وجهاراً فلم يزدهم ذلك إلا فرارا، فدعا عليهم فأغرقهم الله عن آخرهم ولم ينج منهم إلا من ابتعه على دينه الذى بعثه الله به واصطفى آل ابراهيم ومنهم سيد البشر خاتم الأنبياء على الأطلاق محمد صلى الله عليه وسلم، (وآل عمران) والمراد بعمران هذا هو والد مريم بنت عمران أم عيسى بن مريم عليهما السلام (قال محمد بن اسحاق) بن يسار رحمه الله هو عمران بن ياشم بن أمون بن ميشا بن حزقيا بن ابراهيم بن غرابا بن نوش بن أجر بن يهو أبن نازم ابن مفاسط بن أيشا بن أباز بن رخيعم بن سليمان بن داود عليهما السلام فعيسى عليه السلام من ذرية إبرهيم

الصفحة 128