كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)
وبين الملِك راهب فأتى الغلام على الراهب فسمع من كلامه فأعجبه نحوه وكلامه، فكان أذا أتى الساحر ضربه وقال ما حبسك؟ واذا أتى أهله ضربوه وقالوا ما حبسك؟ فشكى ذلك الى الراهب، فقال أذا أراد الساحر أن يضربك فقل حبسنى أهلى، وأذا أراد أهلك أن يضربوك فقل حبسنى الساحر وقال فبينما هو كذلك اذ أتى ذات يوم على دابة فظيعة عظيمة وقد حبست الناس فلا يستطيعون أن يجوزوا، فقال اليوم أعلم أمر الراهب أحب الى الله أم أمر الساحر، فأخذ حجراً فقال اللهم أن كان أمر الراهب أحب أليك وأرضى لك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يجوز الناس ورماها فقتلها ومشى الناس، فأخبر الراهب بذلك، فقال أى نبى أنت أفضل منى وأنك ستبتلى، فان ابتليت فلا تدل علىّ، فكان الغلام يبرئ الأكمة (1) وسائر الأدواء ويشفيهم، وكان يجلس للملك جليس فعمى فسمع به فأتاه بهدايا كثيرة فقال أشفنى ولك ما هنا أجمع، فقال ما أشفى أنا أحدا إنما يشفى الله عز وجل فان أنت آمنت به دعوت الله فشفاك، فآمن فدعا الله له فشفاه، ثم أتى الملك فجلس منه نحو ما كان يجلس، فقال له الملك يا فلان من رد عليك بصرك؟ فقال ربى فقال أنا؟ قال لا ولكن ربى وربك الله، قال لك رب غيرى؟ قال نعم، فلم يزل يعذبه حتى دله على الغلام فبعث اليه فقال أى بنى قد بلغ من سحرك أن تبرئ الأكمة والأبرص (2) وهذه الأدواء قال ما أشفى أنا أحدا، ما يشفى غير الله عز وجل، قال أنا؟ قال لا، قال أولك رب غيرى؟ قال نعم ربى وربك الله، فآخذه أيضا بالعذاب فلم يزل به حتى دل على الراهب، فأنى بالراهب فقال ارجع عن دينك فأبى، فوضع المنشار (3) فى مَفِرق رأسه حتى وقع شقاه
__________
أنهم أهل فارس حين أراد ملكهم تحليل تزويج المحارم فأمتنع عليه علماؤهم فعمد الى حفر أخدود فقذف فيه من أنكر عليه منهم، واستمر فيهم تحليل المحارم الى اليوم، وعنه أنهم كانوا قوما باليمن أقتتل مؤمنوهم ومشركوهم فغلب مؤمنوهم على كفارهم، ثم اقتتلوا فغلب الكفار المؤمنين فخدّوا لهم الأخاديد وأحرقوهم فيها (قال الحافظ ابن كثير) وقد يحتمل أن ذلك قد وقع فى العالم كثيرا كما ابن أبى حاتم حدثنا أبى حدثنا أبو اليمان أخبرنا صفوان بن عبد الرحمن بن جبير قال كانت الاخدود فى اليمن زمان تبع، وفى القسطنطينية زمان قسطنطين حين صرف النصارى قبلتهم عن دين المسيح والتوحيد، فاتخذ أتونا وألقى فيه النصارى الذين كانوا على دين الله والتوحيد، وفى العراق فى أرض بابل بختنصر الذى صنع الصنم وأمر الناس أن يسجدوا له فأمتنع دانيال وصاحباه عزريا وميشائيل فأوقد لهم أتونا وألقى فيها الحطب والنار ثم ألقاهم فيه فجعلها الله تعالى عليهم بردا وسلاما وانقدهم منها وألقى فيها الذين بقوا عليه وهم تسعة رهط فأكلتهم النار، وقال أسباط عن السدى فى قوله تعالى (قتل أصحاب الأخدود) قال كانت الأخدود ثلاثة، خد بالعراق وخد بالشام وخد باليمن، رواه ابن أبى حاتم، وعن مقاتل قال كانت الأخدود ثلاثة واحدة بنجران باليمن والأخرى بالشام والأخرى بفارس حرَّقوا بالنار، أما التى بالشام فهو أنطنانوس الرومى، وأما التى بفارس فهو بختنصر: وأما التى بأرض العرب فهو يوسف ذو نواس، فما التى بفارس والشام فلم ينزل الله تعالى فيهم قرآنا وأنزل فى التى كانت بنجران: وذكر محمد بن اسحاق أن قصصهم كانت فى زمن الفترة التى بين عيسى ومحمد عليهما السلام (1) الأكمه الذى خلق أعمى (2) البرص محركة بياض يظهر فى ظاهر البدن لفساد مزاج، برص كفرح فهو أبرص وأبرصه الله (3) جاء عند مسلم المئشار بالهمزة بدل النون، قال النووى المئشار مهموز