كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)
ثم مرت بي بعد ذلك بقر فاشتريت به فصيلة (1) من البقر فبلغت ما شاء الله، فمر بي بعد حين شيخًا ضعيفًا لا أعرفه فقال أن لي عندك حقًا فذكرنيه متى عرفته، فقلت إياك أبغي (2) هذا حقك فعرضتها عليها جميعًا، فقال يا عبد الله لا تسخر بي أن لم تصدق علي فأعطني حقي، قال والله لا أسخر بك أنها لحقك مالي منها شيء، فدفعتها إليه جميعًا، اللهم إن كنت فعلتُ ذلك لوجهك فأخرج عنا، قال فنصدع الجبل حتى رأوا منه وأبصروا (قال الآخر) قد عملت حسنة مرة كان لي فضل (3) فأصابت الناس شدة (4) فجاءتني امرأة تطلب مني معروفًا (5) قال فقلت والله ما هو دون نفسك (6) فأبت علي فذهبت ثم رجعت فذكرتني بالله فأبيت عليها وقلت لا والله ما هو دون نفسك، فأبت علي وذهبت، فذكرت لزوجها فقال لها أعطيه نفسك وأغني عيالك فرجت إلي فناشدتني بالله فأبيت عليها وقلت والله ما هو دون نفسك، فلما رأت ذلك أسلمت إلي نفسها، فلما تكشفتها وهممت بها ارتعدت من تحتي، فقلت لها ما شأنك؟ قالت أخاف الله رب العالمين قلت لها خفتيه في الشدة ولم أخفه في الرخاء (7) فتركتها وأعطيتها ما بحق علي مما تكشفتها: اللهم إن كنت فعلت ذلك لوجهك فأفرج عنا، قال فانصدع حتى عرفوا وتبين لهم (قال الآخر) عملت حسنة مرة كان لي أبوان شيخان كبيران وكانت لي غنم فكنت أطعم أبوي وأسقيهما ثم رجعت إلي غنمي قال فأصابني يوما غيث (8) حبسني فلم أبرح حتى أمسيت فأتيت أهلي وأخذت محلبي (9) فحلبت وغنمي قاتمة فمضيت إلى أبوي فوجدتهما قد ناما فشق علي أن أوقظهما وشق علي أن أترك غنمي، فما برحت جالسًا ومحلبي على يدي حتى أيقظهما الصبح فسقيتهما، اللهم أن كنت فعلت ذلك لوجهك فأفرج عنا، قال النعمان فكان أسمع هذه من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الجبل طاق (10)
__________
الضمان أو الحق (1) الفصيل ولد الناقة والبقرة لأنه يفصل عن أمه أي يفطم فهو فعيل بمعنى مفعول (2) أي انتظر حضورك (3) أي من مال فاضل عن حاجتي وهو كناية عن الغنى (4) أي جدب واحتياج (5) أي صدقة (6) يريد أن تسلم نفسها له ليزني بها (7) معناه خفتيه وأنت في غاية الشدة والاحتياج ولم أخفه وأنا غنى وفي بحبوحه من العيش فتركها خوفًا من الله عز وجل (8) أي مطر شديد (9) بكسر الميم وفتح اللام بينهما حاه ساكنة الوعاء الذي يحلب فيه (10) قال في القاموس الطاق ناشز يندر من الحبل وعلى هذا فمعناه أن قطعة مرتفعة بارزة من الجبل سقطت على فم الغار فسدته ففرج الله عنه ببركة دعائهم وأعمالهم الصالحة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب طس) رالبزار بنحوه من طرق ورجال أحمد ثقات أه قال الحافظ وروى عن النعمان بن بشير من ثلاثة أوجه حسان أحدها عند أحمد والبزار وكلها عند الطبراني أه (قلت) وفي الباب عن أنس عند الإمام أحمد أيضًا قال حدثنا يحيى بن حادثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أن ثلاثة نفر فيما سلف من الناس انطلقوا يرتادون لأهلهم فأخذتهم السماء (يعني المطر) فدخلوا غارا فسقط عليهم حجر متجاف حتى ما يرون خصاصة (أي فرجة) فقال بعضهم لبعض قد وقع الحجر وعفا الأثر ولا يعلم بمكانكم إلا الله عز وجل، قال ادعوا الله تبارك وتعالى بأوثق أعمالكم، فقال رجل منهم اللهم أن كنت تعلم أنه كان لي والدان فكنت أحلب لهما في إنائهما