كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)
في مملكته فتفكر فعلم إن ذلك منقطع عنه وأن ما هو فيه قد شغله عن عبادة ربه فتسرب فانساب ذات ليلة من قصره فأصبح في مملكة غيره، وأتى ساحل البحر وكان به يضرب اللبن (1) بالأجر فيأكل ويتصدق بالفضل، فلم يزل كذلك حتى رقى أمره إلى ملكهم وعبادته وفضله، فأرسل ملكهم إليه أن يأتيه فأبى أن يأتيه، فأعاد ثم أعاد إليه فأبى أن يأتيه وقال ماله ومالي، قال فركب الملك فلما رآه الرجل ولى هاربًا، فلما رأى ذلك الملك ركض في أثره فلم يدركه، قال فناداه يا عبد الله أنه ليس عليك مني بأس، فأقام حتى أدركه فقال له من أنت رحمك الله؟ قال أن فلان بن فلان صاحب ملك كذا وكذا تفكرت في أمري فعلمت أن ما أنا فيه منقطع فأنه قد شغلني عن عبادة ربي فتركته وجئت ههنا أعبد ربي عز وجل، فقال ما أنت بأحوج إلي ما صنعت مني، قال ثم نزل عن دابته فسيبها ثم تبعه فكانا جميعًا يعبدان الله عز وجل فدعوا الله أن يميتهما جميعا، قال فماتا، قال عبد الله لو كنت برميلة (2) مصر لأريتكم قبورهما بالنعت الذي نعت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (باب ما جاء في العرب العاربة والمستعربة وإلى من يتسبون وذكر قحطان وقصة سبا) (عن عباس) (3) أن رجلا سال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبأ ما هو أرجل أم امرأة أم أرض؟ فقال بل هو رجل ولد عشرة فسكن اليمن منهم ستة، وبالشام منهم أربعة، فأما اليمانيون فمذحج وكندة والأزد والأشعريون وأنمار وحمير عربا كلها، وأما الشامية فلخم وجدام وعمالة وغسان (عن فروة بن مسيك) (4) قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أقاتل بمقبل قومي مدبرهم (5)؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين وصحبه وسلم نعم فقاتل بمقبل قومك مدبرهم، فلما وليت دعاني فقال لا تقاتلهم حتى تدعوهم إلى الإسلام (6) فقلت يا رسول الله
__________
المسعودي عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه ابن مسعود قال بينما رجل إلخ (غريبة) (1) بفتح اللام وكسر الموحدة هو الطين الذي يبنى به بعد تجفيفه مربعًا ومستطيلًا واحدته لينة بفتح اللم وكسر الموحدة (2) بضم الراء وفتح الميم مصغرًا هي ميدان تحت قلعة الجبل كانت ميدان أحمد ابن طولون وبها كانت قصوره وبساتينه وهي المعروفة الآن باسم ميدان صلاح الدين وباسم المنشية بالقاهرة: والقائل لو كنت برميلة مصر هو عبد الله بن مسعود راوي الحديث وأول الحديث يشعر بأنه موقوف عليه لكن قوله بالنعت الذي نعت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على رفعه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه وفي إسنادهما المسعودي وقد اختلط (باب) (3) (عن ابن عباس إلخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ذكر سبأ وأولاده من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر صحيفة 249 رقم 398 وقوله أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم الظاهر أنه فروة بن مسيك أخذا من الحديث التالي (4) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون حدثنا أبو خباب يحيى بن أبي حية الكلبي عن يحيى بن هارون عن عروة عن فروة بن مسيك إلخ (قلت) فروة بن مسيك بضم الميم وفتح المهملة ثم ياه ساكنة مصغرًا هو المرادى ثم الغطيفى صاحبي سكن الكوفة يكنى أبا عمير واستعمله عمر (غريبة) (5) معناه اقاتل من أدبر من قومى عن الإسلام بمن أقبل عليه يعني أسلم (6) يستفاد منه أن الدعوى إلى الإسلام قبل القتال واجبة