كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)

.
__________
ما أدري تبع أكان نبيًا أو غير نبي (ومنها) ما رواه الطبراني عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تسبوا تبعًا فإنه قد أسلم (وقال قتادة) ذكر لنا أن كعبًا كان يقول في تبع نعت نعت الرجل الصالح، ذم الله تعالى قومه ولم يذمه (يعني قوله تعالى) في سورة الدخان (أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم أنهم كانوا مجرمين) قال وكانت عائشة رضي الله عنها تقول لا تسبوا تبعًا فإنه قد كان رجلًا صالحًا، وذكر أبو حاتم عن الرقاشي قال كان أبو كرب أسعد الحميري من التبابعة آمن بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث بسبعمائة سنة وغير ذلك كثير (أما قصته) فقد قال قتادة هو تبع الحميري وكان سار بالجيوش حتى مصر الحيرة وبني سمر قندو كان من ملوك اليمن سمى تبعًا لكثرة أتباعه، وكل واحد منهم يسمى تبعا لأنه يتبع صاحبه، وكان هذا الملك يعبد النار فأسلم ودعا قومه إلى الإسلام وهم حمير فكذبوه (وكان من خبره) ما ذكره فمحمد بن إسحاق وغيره، وذكر عكرمة عن ابن عباس قال كان تبع الآخر وهو أبو كرب أسعد ابن مالك بن يكرب حين أقبل من الشرق وجعل طريقه على المدينة وقد كان حين مر بها خلف بين أظهرهم ابنا له فقتل غيلة فقدمها وهو مجمع على خرابها واستئصال أهلها، فجمع له هذا الحي من الأنصار حين سمعوا ذلك من أمره فخرجوا لقتاله، وكان الأنصار يقاتلونه بالنهار ويقرونه بالليل فأعجبه ذلك وقال أن خؤلاء لكرام، فبينما هو كذلك إذ جاءه جبران اسمهما كعب وأسد من أحبار بني قريظة عالمان وكانا ابني عم حين سمعا ما يريد من أهلاك المدينة وأهلها، فقالا له أيها الملك لا تفعل فإنك أن أبيت ألا ما تريد حيل بينك وبينها ولم نأمن عليك عاجل العقوبة، فإنها مهاجر نبي يخرج من هذا الحمى من قريش أسمه محمد، وولده بمكة وهذه دار هجرته ومنزله الذي أنت به يكون به من القتل والجراح أمر كبير في أصحابه وعدوهم، قال تبع من يقاتله وهو نبي؟ قالا يسير إليه قومه فيقتلون ها هنا فتناهي لقولهما عما كان يريد بالمدينة، ثم أنهما دعواه إلى دينهما فاجابهما واتبعهما على دينهما وأكرمهما، وانصرف عن المدينة وخرج بهما ونفر من اليهود عامدين إلى اليمن، فأتاه في الطريق نفر من هذيل وقالوا أنا ندلك على بيت في كنزه من لؤلؤ وزبرجد وفضة، قال أي بيت؟ قالوا بيت بمكة، وإنما تريد هذيل هلاكه لأنهم عرفوا أنه لم يرده أحد قط بسوء إلا هلك، فذكر ذلك للأحبار فقالوا ما نعلم الله في الأرض بيتًا غير هذا البيت فاتخذه مسجداً وانسك عنده وانحر واحلق رأسك، وما أراد القوم إلا هلاكك لأنه ماناوأه أحد قط إلا هلك فأكرمه واصنع عنده ما يصنع أهله، فلما قالوا له ذلك أخذ النفر من هذيل فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم ثم صلبهم، فلما قدم مكة نزل الشعب شعب البطائح وكسا البيت الوصائل، وهو أو من كساء البيت ونحر بالشعب ستة آلاف بدنة، وأقام به ستة أيام وطاف به وحلق وانصرف، فلما دنا من اليمن ليدخلها حالت حمير بين ذالك وبينه، وقالوا لا تدخل علينا وقد فارقت ديننا فدعاهم إلى دينه وقال إنه دين خير من دينكم، قالوا فحا كمنا إلى النار، وكانت باليمن نار في أسفل جبل يتحاكمون إليها فيما يختلفون فيه فتأكل الظالم ولا تضر المظلوم، فقال تبع أنصفتم، فخرج القوم بأوثانهم وما يتقربون فه في دينهم وخرج الجبران بمصاحفهما في أعناقهما حتى قعدوا للنار عند مخرجها الذي تخرج منه، فخرجت النار فأقبلت حتى غشيتهم فأكلت الأوثان وما قربوا معها ومن حمل ذلك من رجال حمير، وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما يتلوان التوراة تعرق جباهما لم تضرهما، ونكصت النار حتى رجعت إلى مخرجها الذي خرجت منه، فأصفت عند ذلك حمير على دينهما، فمن هنالك كان أصل اليهودية في اليمن (قال الجاحظ ابن كثير) في تفسيره وقال سعيد بن جبير كما تبع الكعبة وكان سعيد ينهي عن سبه

الصفحة 160