كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)

.
__________
وتبع هذا هو تبع الأوسط، واسمه اسعد أبو كريب بن مليكرب اليماني ذكروا أنه ملك على قومه ثلاثمائة سنة وستة وعشرين سنة ولم يكن من حمير أطول مدة منه، وتوفى قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو من سبعمائة سنة، وذكروا أنه لما ذكر له الحبران من يهود المدينة أن هذه البلدة مهاجرني في آخر الزمان اسمه أحمد قال في ذلك شعرا واستودعه عند أهله المدينة، فكانوا يتوارثونه ويروونه خلفًا عن خلف، وكان ممن يحفظه أبو أيوب الأنصاري خالد بن زيد الذي نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في داره وهو
(شهدت على أحمد أنه * رسول من الله باري النسم)
(فلو مد عمري إلى عمره * لكنت وزيرًا له وابن عم)
(وجاهدت بالسيف أعداده * وفرجت عن صدره كل غم)
وذكر ابن أبي الدنيا أنه حفر قبر بصنعاء في الإسلام فوجدوا فيه امرأتين صحيحتين (يعني لم تأكلهما الأرض) وعند رءوسهما لوح من فضة مكتوب فيه بالذهب هذا قبر حي تميس، وروى حي وتماضر ابنتي تبع ماتتا وهما تشهدان أن لا إله إلا الله ولا تشركان به شيئًا، وعلى ذلك مات الصالحون قبلهما رحمهما الله (باب ذكر بني إسماعيل عليه السلام وقيامهم بالأمور والحكم في مكة: وخروجه منهم إلى بنى جرهم وخروجه من جرهم إلى خزاعة) تقدم في باب ذكر نبي الله اسماعيل أنه تزوج بالسيدة بنت مضاض ابن عمرو الجرهمي وجاءته بالبنين الأثنى عشر منهم نابت وقيذر وتقدم أيضًا أن جميع عرب الحجاز على اختلاف قبائلهم يرجعون في أنسابهم إلى ولديه نابت وقيذر (قال الحافظ ابن كثير في تاريخه) وكان الرئيس بعده والقائم بالأمور الحاكم في مكة والناظر في أمر البيت وزمزم نابت بن إسماعيل وهو ابن أخت الجرميين، ثم تغلبت جرهم على البيت طمعا في بني أختهم فحكموا بمكة وما والاها عوضًا عن بني إسماعيل مدة طويلة، فكان أو من صار إليه البيت بعد نابت مضاض بن عمروا بن سعد بن الرقيب ابن عبير بن نبت بن جرهم، وجرهم بن قحطان، ويقال جرهم بن يقطن بن عبير بن شالخ بن أرفخشذ ابن سام بن نوح الجرهمي وكان نازلًا بأعلى مكة بقعبقعان، وكان السميدع سيد قطوراء نازلًا بقومه من أسفل مكة، وكل منهما يعثر من مر به به مجتازًا إلى مكة، ثم وقع بين جرهم وقطوراء فاقتتلوا فقتل السميدع واستوثق الأمرض لمضاض وهو الحاكم بمكة والبيت لا ينازعه في ذلك ولد إسماعيل مع كثرتهم وشرفهم وانتشارهم بمكة وبغيرها وذلك لخؤولتهم له ولعظمة البيت الحرام، ثم صار الملك بعده إلى ابنه الحارث ثم إلى عمرو بن الحارث، ثم بغت جرهم بمكة وأكثرت فيها الفساد وألحدوا بالمسجد الحرام حتى ذكر أن رجلًا منهم يقال له إساف بن بغى وامرأة يقال لها نائله بنت وائل اجتمعا في الكعبة فسخهما الله حجرين فنصبهما الناس قريبًا من البيت ليعتبروا بهما فلما طال المطال بعد ذلك ممد عبدا من دون الله في زمن خزاعة كما سيأتي بيانه في موضعه فكان صنمين منصوبين يقال لهما اساق ونائلة فلما أكثرت جرهم البغي بالبلد الحرام تمالأت عليهم خزاعة الذين كانوا انزلوا حول الحرم وكانوا من ذرية عمر بن عامر الذي خرج من اليمن لأجل ما توقع من سيل العرم، وقيل إن خزاعه من بني إسماعيل فالله أعلم، والمقصود أنهم اجتمعوا لحربهم وآذنوهم بالحرب واقتتلوا واعتزل بنو إسماعيل كلا الفريقين فغلبت خزاعة وهم بنو بكر بن عبد مناة وغبشان وأجلوهم عن البيت فعمد عمرو بن الحارث بن مضاض الجرعمى وهو سيدهم إلى غزالي الكعبة وهما من ذهب، وحجر الركن وهو الحجر الأسود، وإلى سيوف

الصفحة 161