كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 20)
.
__________
(ولمسلم) من طريق سهيل ابن أبي صالح عن أبيه مرفوعًا رأيت عمرو بن لحمى بن قمعة (بفتحات) ابن خندف بحر قصبه في النار (وللبخاري) من طريق أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمرو ابن لحي بن قمعة بن خندف أبو خزاعة (وله في رواية أخرى) عن أبي هريرة أيضًا قال النبي صلى الله عليه وسلم رأيت عمرو بن عامر بن لحي الخزاعي بحر قصبه في النار، فيستفاد من هذه الروايات أن عمرا هو ابن عامر بن لحي بن قمعة بن خندف وأنه أبو خزاعة وأنه تارة ينسب إليه أبيه أو تارة ينسب إلى جده لحي بضم اللام وفتح المهملة وتشديد التحتية مصغرا و (قمعه) بالقاف والميم والعين المهملة مفتوحات و (خندف) بكسر الخاء المعجمة وسكون النون وفتح الدال المهملة بعدها فاء (أما خزاعة) فقد اختلف في نسبهم فقيل ينسبون إلى اليمن وقيل إلى مضر مع الاتفاق على أنهم من ولد عمرو بن لحي، وجمع بعضهم بين القولين أعنى نسبة خزاعة إلى اليمن وإلى مضر فزعهم أن حارثة بن عمر لما مات قمعة بن خندف كانت امرأته حاملًا بلحى فولدته وهي عند حارثة فتبناه فنسب إليه، فعلى هذا فهو من مضر بالولادة ومن اليمن بالتبني (وذكر ابن إسحاق) أن سبب عبادة عمرو بن لحي الأصنام أنه خرج إلى الشام وبها يومئذ العماليق وهم يعبدون الأصنام فاستوهبهم واحدا منها وجاء به إلى مكة فنصبه إلى الكعبة وهو هبل، وكان قبل ذلك في زمن جرهم قد فجر رجل يقال له اساف بامرأة يقال لهما نائلة في الكعبة فمسخهما الله جل وعلا حجرين فأخذهما عمر بن لحيى فنصبهما حول الكعبة فصار من يطوف يتمسح بهما يبدأ باساف ويختم بنائله، (وذكر محمد بن حبيب) عن ابن الكلبي أن سبب ذلك أن عمرو بن لحيي كان له تابع من الجن يقال له أبو ثمامة فأتاه ليلة فقال أجب أبا ثمامة فقال لبيك من تهامة، فقال أدخل بلا علامة فقال ائت سيف جده، تجد آلهة معدة. فخذها ولا تهب، وادع إلى عبادتها تجب، قال فتوجه إلى جدة فوجد الأصنام التي كانت تعبد في زمن نوح وادريس وهي ود، وسواع، ويغوث ويعوق، ونسر، فحملها إلى مكة ودعا إلى عبادتها فانتشرت بسبب ذلك عبادة الأصنام في العرب، وذكر السهيلي أن سبب قيام عمر بن لحيي بأمر الكعبة ومكة أنه حين غلبت خزاعة على البيت ونفت جرهم عن مكة قد جعلته العرب ربا: لا يبتدع لهم بدعة إلا اتخذوها شرعة لأنه كان يطعم الناس ويكسو في الموسم فربما نحر في الموسم عشرة آلاف بدنة وكسى عشرة آلاف حلة أه وذكر أبو الوليد الأزرقى في أخبار مكة أن عمرو بن لحيى فقأ أعين عشرين بعيرًا، وكانوا يفقئون عين الفحل إذا بلغت الإبل الفا فإذا بلغت الفين فقئوا العين الأخرى قال الراجز (وكان شكر القوم عند المنن * كي الصحيحات وفقًا الأعين) (قال ابن اسحاق) واستبدوا بدين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام غيره فعبدوا الأوثان وصاروا إلى ما كانت عليه الأمم قبلهم من الضلالات، وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم عليه السلام يتمسكون بها من تعظيم البيت والطواف به والحج والعمرة والوقوف على عرفات والمزدلفة وهدى البدن والإهلال لا شريك لك الاشريكا هو تملكه وما ملك، فيوحدونه بالتلبية ثم يدخلون معه أصنامهم ويجعلون ملكها بيده: يقول الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) أي ما يوحدونني لمعرفة حقى، إلا جعلوا معي شريكًا من خلقي، وقد ذكر السهيلى وغيره أن أول من لبى هذه التلبية عمرو بن لحيي وأن أبليس تبدى له في صورة شيخ فجعل يلقنه ذلك فيسمع منه ويقول كما يقول واتبعه العرب في ذلك (وذكر ابن الكلبي) أن سبب قيام عمرو بن لحيى بأمر الكعبة ومكة أن أمه فهيرة بنت عمرو بن الحارث